وَالمَجازُ مُفْردٌ ومُرَكَّبٌ، أَمَّا المُفْرَدُ فَهُوَ الْكَلِمَةُ الْمُسْتَعملَةُ في غَيْرِ ما وُضِعَتْ لَهُ


أئمة علمى الاشتقاق والتصريف من أن للحروف في أنفسها خَوَاصَّ بها تختلف كالجهر والهمس والشدة والرخاوة والتوسط بينهما وغير ذلك، وتلك الخواص تقتضى أن يكون العالم بها إذا أخذ في تعيين شيء مركب منها لمعنى لا يهمل التناسب بينهما قضاء لحق الحكمة، كالفصم بالفاء الذي هو حرف رِخْوٌ لكسر الشيء من غير أن يَبِينَ، والقصم بالقاف الذي هو حرف شديد لكسر الشيء حتى يبين، وأن لهيآت تركيب الحروف أيضا خَوَاصَّ كالْفَعَلاَنِ وَالْفَعَلَى بالتحريك لما فيه حركة كالنَّزَوَان والْحَيَدَى(١) وكذا باب فَعُلَ بالضم مثل شرف وكرم للأفعال الطبيعية اللازمة(٢).

[والمجاز] في الأصل مَفْعَلٌ من ـ جاز المكان يجوزه ـ إذا تعدَّاهُ، نقل إلى الكلمة الجائزة أي المتعدية مكانها الأصلي، أو الْمَجُوزِ بها(٣) على معنى أنهم جازوا بها وعَدَّوْهَا مكانها الأصلي، كذا ذكره الشيخ في أسرار البلاغة، وذكر المصنف أن الظاهر أنه من قولهم ـ جعلت كذا مجازاً إلى حاجتي ـ أي طريقا لها، على أن معنى جاز المكان سلكه، فإن المجاز طريق إلى تصور معناه، فالمجاز [مفرد ومركب] وهما مختلفان فعرفوا كُلاًّ على حِدَة [أما المفرد فهو الكلمة المستعملة] احترز بها عن الكلمة قبل الاستعمال، فإنها ليست بمجاز ولا حقيقة [في غير ما وضعت له] احترز به عن

__________________

(١) فالنزوان مشتمل على هيئة حركات متوالية فيناسب ما فيه حركة، ولذا وضع لِضِرَابِ الذكر، والحيدى كذلك، ولذا وضع للحمار الذي له نشاط في حركاته.

(٢) لأن الضم يناسب عدم الانبساط، فجعل دالا على أفعال الطبيعة اللازمة لذواتها.

(٣) وهو على هذا مصدر بمعنى اسم المفعول، أما على الأول فهو مصدر بمعنى اسم الفاعل.

۵۲۰۱