وَالْوَضْعُ تَعْيِينُ اللَّفْظِ لِلدَّلاَلَةِ عَلَى مَعْنىً بِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ المجازُ لاِنَّ دلاَلَتَهُ بِقَرِينَة دُونَ الْمُشْتَرَك،


اللغة [والوضع] أي وضع اللفظ [تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه] أي ليدل بنفسه لا بقرينة تنضم إليه، ومعني الدلالة بنفسه أن يكون العلم بالتعيين كافيا في فهم المعنى عند إطلاق اللفظ، وهذا شامل للحرف أيضا، لأنا نفهم معاني الحروف عند إطلاقها بعد علمنا بأوضاعها، إلا أن معانيها(١) ليست تامة في أنفسها، بل تحتاج إلى الغير بخلاف الاسم والفعل، نعم لا يكون هذا شاملا لوضع الحرف عند من يجعل معنى قولهم ـ الحرف ما دل على معني في غيره ـ أنه مشروط(٢) في دلالته على معناه الافرادى(٣) ذكر مُتَعَلّقِهِ [فخرج المجاز] عن أن يكون موضوعا بالنسبة إلى معناه المجازي [لأن دلالته] على ذلك المعنى إنما تكون [بقرينة] لا بنفسه [دون المشترك] فإنّه لم يخرج، لأنه قد عين للدلالة على كل من المعنيين بنفسه، وعدم فهم أحد المعنيين بالتعيين لعارض الاشتراك لا ينافى ذلك، فالْقُرْءُ مثلا عين مرة للدلالة على الطهر بنفسه ومرة أخرى للدلالة على الحيض بنفسه، فيكون موضوعا، وفي كثير من النسخ بدل قوله ـ دون المشترك ـ دون الكناية، وهو سهو، لأنه إن أريد أن الكناية بالنسبة إلى معناها الأصلى موضوعة فكذا المجاز ضرورة أن الأسد في قولنا ـ رأيت أسدا يرمى ـ موضوع للحيوان المفترس وإن لم يستعمل فيه، وإن أريد

__________________

(١) أي الجزئية، فهي عند الشارح كليات وضعا جزئيات استعمالا، فتدل بنفسها على ما وضعت له، وذكر المتعلق لفهم الجزئيات المستعملة فيها.

(٢) فتكون ـ في ـ الواقعة في تعريف الحرف سببية لا ظرفية.

(٣) كدلالة من على الابتداء، وفي على الظرفية بخلاف المعنى التركيبى، لأنه لا خلاف فيه بين الحرف والاسم والفعل.

۵۲۰۱