المشبهِ لِبُعْدِ المُناسبَةِ كَمَا مَرَّ، وَإمَّا مُطْلَقاً لِكَوْنِهِ وَهْميّاً أَوْ مُرَكَّباً خَيَالِيّاً أَوْ عَقْلِيّاً كَمَا مَرَّ، أَوْ لِقِلَّةِ تَكَرُّرِهِ عَلَى الحِسِّ كَقَوْلِهِ ـ وَالشَّمْسِ كالمِرْآةِ ـ فالْغَرَابَةُ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ.

وَالْمُرَادُ بالتَّفْصِيلِ أَنْ يُنْظُرَ في أَكْثَرَ مِنْ وَصْف، وَيَقَعُ عَلَى وُجُوه أَعْرَفُها أَنْ تَأْخُذَ بَعْضاً وَتَدَعَ بَعْضاً


المشبه لبعد المناسبة كما مر] في تشبيه البنفسج بنار الكبريت(١) [وإما مطلقا] وندور حضور المشبه به مطلقا يكون [إما لكونه وهميا] كأنياب الأغوال(٢) [أو مركباً خيالياً ]كاعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد(٣) [أو] مركبا [عقليا] كمثل الحمار يحمل أسفارا، وَقَوْلُهُ [كما مر] إشارةٌ إلى الأمثلة التي ذكرناها آنفا [أو لقلة تكرره] أي المشبه به [على الحس، كقوله: والشمس كالمرآة] في كف الأشل * فإن الرجل ربما ينقضى عمره ولا يتفق له أن يرى مرآة في يد الأشل [فالغرابة فيه] أي في تشبيه الشمس بالمرآة في كف الأشل [من وجهين] أحدهما كثرة التفصيل في وجه الشبه، والثاني قلة التكرر على الحس، فإن قلت كيف تكون ندرة حضور المشبه به سببا لعدم ظهور وجه الشبه، قلت لأنه فرع الطرفين، والجامع المشترك الذي بينهما إنما يطلب بعد حضور الطرفين، فإذا ندر حضورهما ندر التفات الذهن إلى ما يجمعهما ويصلح سببا للتشبيه بينهما.

[والمراد بالتفصيل أن ينظر في أكثر من وصف] واحد لشيء واحد أو أكثر، بمعني أن يعتبر في الأوصاف وجودها أو عدمها أو وجود البعض وعدم البعض، كُلٌّ من ذلك في أمر واحد أو أمرين أو ثلاثة أو أكثر، فلذا قال [ويقع] أي التفصيل [على وجوه] كثيرة [أعرفها أن تأخذ بعضا] من الأوصاف [وتدع بعضا] أي تعتبر وجود

__________________

(١) أنظر ص ٣١٣ من هذا الجزء.

(٢) في قول امرىء القيس:

أيقتلني وَالْمَشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي

ومسنونةٌ زُرْقٌ كأنياب أغوالِ

(٣) انظر ص ٢٩١ من هذا الجزء.

۵۲۰۱