كَقَوْلِهِمْ للْكَلاَمِ الْفَصِيحِ هُوَ كالْعَسَلِ في الحَلاَوَةِ، فإنَّ الجامِعَ فِيهِ لازِمُها وَهُوَ مَيْلُ الطَّبعِ.

وَأَيْضاً إمَّا قَرِيبٌ مبتذل وَهُوَ ما يُنْتَقَلُ فِيهِ مِنَ المُشبَّهِ إلَى المُشبهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَدْقِيقِ نَظَر لِظُهُورِ وَجْههِ في بادِى الرَّأَي لِكَوْنِهِ أَمْراً جُمْلِيّاً، فَإنَّ الجُمْلَةِ أَسبَقُ إلى النَّفْسِ، أَوْ قَلِيلِ التَّفْصِيلِ مَعَ غَلَبةِ حُضُورِ المُشبَّهِ بِهِ في الذِّهْنِ إمَّا عِنْدَ حُضُور المُشَبهِ لِقُرْبِ المُناسَبَةِ كَتَشْبِيهِ الْجَرَّةِ الصَّغِيرَةِ بالْكُوزِ في المِقْدَارِ وَالشَّكْلِ، أَوْ مُطْلَقاً


أي يكون وجه الشبه تابعا له لازما في الجملة [كقولهم للكلام الفصيح ـ هو كالعسل في الحلاوة ـ فإن الجامع فيه لازمها] أي وجه الشبه في هذا التشبيه لازم الحلاوة [وهو ميل الطبع] لأنه المشترك بين العسل والكلام لا الحلاوة التي هي من خواص المطعومات.

[وأيضا] تقسيم ثالث للتشبيه باعتبار وجهه وهو أنه [إما قريب مبتذل وهو ما ينتقل فيه من المشبه إلى المشبه به من غير تدقيق نظر لظهور وجهه في بادى الرأي] أي في ظاهره إذا جعلته من ـ بدا الأمر يبدو ـ أي ظهر، وإن جعلته مهموزا من ـ بدأ ـ فمعناه في أول الرأي، وظهور وجهه في بادى الرأي يكون لأمرين: إما [لكونه امرا جمليا] لا تفصيل فيه [فإن الجملة أسبق إلى النفس] من التفصيل، ألاترى أن إدراك الإنسان من حيث إنه شيء أو جسم أو حيوان أسهل وأقدم من إدراكه من حيث إنه جسم نَام حَسَّاسٌ متحرك بالارادة ناطق [أو] لِكَوْنِ وجه الشبه [قليل التفصيل مع غلبة حضور المشبه به في الذهن إما عند حضور المشبه لقرب المناسبة] بين المشبه والمشبه به، إذ لا يخفى أن الشيء مع ما يناسبه أسهل حضورا منه مع ما لا يناسبه [كتشبيه الجرة الصغيرة بالكوز في المقدار والشكل] فإنه قد اعتبر في وجه الشبه تفصيلٌ مَّا أعنى المقدار والشكل، إلا أن الكوز غالب الحضور عند حضور الجرة [أو(١) مطلقا] عَطْفٌ

__________________

(١) أو هنا لمنع الخلو لا لمنع الجمع، لأن غلبة حضور المشبه به عند حضور المشبه بجامع غلبة حضور المشبه به مطلقا، كما في تشبيه الجرة الصغيرة بالكوز.

۵۲۰۱