هذَا إذَا أُرِيدَ إلْحَاقُ الناقِصِ حَقِيقَةً أَوِ ادِّعَاءً بالزَّائدِ، فَإنْ أُرِيدَ الجَمْعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ في أَمْر فالْأَحْسَنُ تَرْكُ التَّشْبِيهِ إلَى الْحُكْمِ بالتَّشَابُهِ احْترَازاً مِنْ تَرجِيحِ أَحَدِ الْمُتَساوِيَيْنِ، كَقَوْلِهِ:
تَشابَهَ دَمْعِي إذْ جَرَى وَمُدَامَتِي
فَمِنْ مثْلِ مافِي الْكأْسِ عَيْنِيَ تسْكُبُ
فَوَ اللهِ ما أَدْرِي أَبا لخَمْرِ أَسْبَلَتْ
جُفُونِيَ أَمْ مِنْ عَبْرَتي كُنْتُ أَشْرَبُ
[هذا] الذي ذكرناه من جعل أحد الشيئين مشبها والآخر مشبها به إنما يكون [إذا أريد إلحاق الناقص] في وجه الشبه [حقيقة] كما في الغرض العائد إلى المشبه [أو ادعاء] كما في الغرض العائد إلى المشبه به [بالزائد] في وجه الشبه [فإن أريد الجمع بين شيئين في أمر] من الأمور من غير قصد إلى كون أحدهما ناقصا والآخر زائدا سواء وجدت الزيادة والنقصان أم لم توجدا [فالأحسن ترك التشبيه] ذاهبا [إلى الحكم بالتشابه] ليكون كل من الشيئين مشبها ومشبها به [احترازا من ترجيح أحد المتساويين] في وجه الشبه [كقوله:
تشابه دمعى إذ جرى ومدامتى
فمن مثل(١) ما في الكأس عينى تسكب
فو الله ما أدري أبالخمر أسبلت * جفوني] يقال ـ أسبل الدمع والمطر إذا هطل وأسبلت السماء ـ والباء في قوله ـ ـ أبالخمر ـ للتعدية وليست بزائدة على ما توهم بعضهم، [* أم من عبرتى كنت أشرب(٢) *] لَمَّا اعتقد التساوى بين الدمع والخمر ترك
__________________
(١) أي ومن مثل ما تسكب أشرب، وإنما قدر هذا ليتفق مع ادعاء المساواة.
(٢) البيتان لأبي إسحاق إبراهيم الصابى من كتاب وشعراء الدولة العباسية.
تطبيقات على أغراض التشبيه:
١ـ كأن مِشْيَتَهَا من بيت جارتها
مَرُّ السحابة لا رَيْثُ ولا عَجَلُ
٢ـ من يهن يسهل الهوانُ عليه
ما لجرح بميِّت إيلامُ