مُشْرِقَة بِيض في جَوانِبِ شَيْء مُظْلِم أَسْوَدَ، فَهِيَ غَيرُ مَوْجُودَة فِي المشَبَّهِ بِهِ إلاَّ عَلَى طَرِيقِ التَّخْيِيلِ، وَذلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الْبِدْعةُ وَكُلُّ مَا هُوَ جَهْلٌ تَجْعَلُ صَاحِبَهَا كَمَنْ يَمْشِي فِي الظُلمَةِ فَلاَ يَهْتَدِي لِلطرِيقِ وَلاَ يَأْمنُ أَنْ يَنالَ مَكْرُوهاً شُبِّهَتْ بهَا، وَلَزِمَ بِطَرِيقِ الْعَكْسِ أَنْ تُشبَّه السُّنَّةُ وَكُلُّ ما هُوَ علْمٌ بالنُّورِ، وشاعَ ذلِكَ حَتَّى تُخُيِّلَ أَنَّ الثَّانِيَ مِمَّا لهُ بَياضٌ وَإشْرَاقٌ، نَحْوُ ـ أَتَيْتُكُمْ بالحَنِيفِيَّةِ الْبيْضاءِ ـ وَالْأَوَّلُ عَلى خِلافِ ذلِكَ، كَقوْلِكَ ـ شَاهَدْتُ سَوَادُ الْكُفْرِ مِنْ جَبينِ فُلاَن ـ فَصارَ تشْبِيهُ النُّجُومِ بَيْنَ الدُّجى بالسُّنَنِ بَيْنَ الابْتِدَاعِ كَتَشْبِيهِهَا بِبَيَاضِ الشَّيْبِ في سَوَادِ الشَّبابِ، أَوْ


مشرقة بيض في جوانب شيء مظلم أسود، فهي] أي تلك الهيئة [غيرموجودة في المشبه به] أعنى السنن بين الابتداع [إلا على طريق التخييل وذلك] أي وجودها في المشبه به على طريق التخييل [أنه] الضمير للشأن [لما كانت البدعة وكل ما هو جهل تجعل صاحبها كمن يمشى في الظلمة فلا يهتدى للطريق ولا يأمن أن ينال مكروها شبهت] أي البدعة وكل ما هو جهل [بها] أي بالظلمة [ولزم بطريق العكس] إذا أريد التشبيه [أن تشبه السنة وكل ما هو علم بالنور] لأن السنة والعلم يقابل البدعة والجهل، كما أن النور يقابل الظلمة [وشاع ذلك] أي كَوْنُ السنة والعلم كالنور والبدعة والجهل كالظلمة [حتى تخيل أن الثاني] أي السنة وكل ما هو علم [مما له بياض وإشراق نحو ـ أتيتكم بالحنيفية البيضاء ـ والأول على خلاف ذلك] أي وتُخُيِّلَ أن البدعة وكل ما هو جهل مما له سواد وإظلام [كقولك ـ شاهدت سواد الكفر من جبين فلان ـ فصار] بسبب تَخَيُّلِ أن الثاني مما له بياض وإشراق، والأول مما له سواد وإظلام [تشبيه النجوم بين الدجى بالسنن بين الابتداع كتشبيهها] أي النجوم [ببياض الشيب في سواد الشباب] أي أبْيَضِهِ في أسْوَدِهِ(١)] أو

__________________

(١) فسره بذلك لأن النجوم في الدجى لم تشبه بنفس السواد في البياض، وإنما شبهت بالشعر الأبيض في الأسود.

۵۲۰۱