أَوْ مُخْتَلِفَانِ، كالْمَنِيَّةِ وَالسبُعِ، وَالعِطْرِ وَخُلُق كَرِيم،وَالْمُرَادُ بِالْحِسِّيِّ المدركُ هُوَ أَوْ مَادَّتُهُ باِحْدَى الحَوَاسِّ الْخَمْسِ الظَّاهِرَةِ،


وجه الشبه بينهما الادراك، إذ العلم نوع من الادراك، والحياة مقتضية للحس الذي هو نوع من الادراك، وفساده واضح، لأن كَوْنَ الحياة مقتضية للحس لا يوجب اشتراكهما(١) في الادراك على ما هو شرْطٌ في وجه الشبه، وأيضا لا يخفى أنْ ليس المقصود من قولنا ـ العلم كالحياة، والجهل كالموت ـ أن العلم إدراك كما أن الحياة معها إدراك، بل ليس في ذلك كبير فائدة، كما في قولنا ـ العلم كالحس في كونهما إدراكا(٢)[أو مختلفان] بأن يكون المشبه عقليا والمشبه به حسيا [كالمنية والسبع] فإن المنية أي الموت عقلي، لأنه عدم الحياة عما من شأنه الحياة، والسبع حسي، أو بالعكس [و] ذلك مثل [العطر] الذي هو محسوس مشموم [وخلق كريم] وهو عقلي، لأنه كيْفِيَّةٌ نفسانية يصدر عنها الأفعال بسهولة، والوجه في تشبيه المحسوس بالمعقول أن يُقَدَّرَ المعقول محسوسا ويجعل كالأصل لذلك المحسوس على طريق المبالغة، وإلا فالمحسوس أصل للمعقول، لأن العلوم العقلية مستفادة من الحواس ومنتهية إليها، فتشبيهه بالمعقول يكون جَعْلاً للفرع أصلاً والأصْلِ فرعاً، وذلك لا يجوز، ولَمَّا كان مِنَ المشبه والمشبه به ما لا يدرك بالقوة العاقلة ولا بالْحِسِّ ـ أعنى الحس الظاهر ـ مثل الْخيَالِيَّاتِ والْوَهْمِيَّاتِ والْوِجْدَانِيَّاتِ أراد أن يجعل الحسي والعقلي بحيث يشملانها، تسهيلا للضبط بتقليل الأقسام، فقال [والمراد بالحسي المدرك هو أو مادته بإحدى الحواس الخمس الظاهرة] أعنى البصر والسمع والشم والذوق

__________________

(١) أي العلم والحياة.

(٢) الحق أن ما اختاره من جعل وجه الشبه كونهما جهتى إدراك ليس فيه كبير فائدة أيضا، وأن وجه الشبه فيهما هو الانتفاع وحصول الآثار.

۵۲۰۱