*سَبُوحٌ لَها مِنها عَلَيْها شَوَاهِدُ*

وَقَوْلِه:

*حَمَامَةَ جَرْعَا حَوْمَة الجَندَلِ اسْجَعى*

وَفيهِ نَظَرٌ:


راكبها، كأنها تجرى في الماء [لها] صفة سبوح [منها] حال من شواهد [عليها ]متعلق بشواهد [شواهد] فاعل الظرف أعنى ـ لها ـ يعني أن لها من نفسها علامات دالة على نجابتها، قيل التكرار ذكر الشيء مرة بعد أخرى، ولا يخفى أنه لا يحصل كثرته بذكره ثالثا، وفيه نظر لأن المراد بالكثرة ههنا ما يقابل الوحدة، ولا يخفى حصولها بذكره ثالثا [و] تتابع الاضافات مثل [قوله * حمامة جرعا حومة الجندل اسجعى *].

فأنتِ بِمَرْأَى من سُعَادَ ومَسْمَعِ(١)

ففيه إضافة حمامة إلى جرعا، وجرعا إلى حومة، وحومة إلى الجندل، والجرعاء تأنيث الأجرع قصرها للضرورة، وهي أرض ذات رمل لا تنبت شيئا، والحومة معظم الشيء، والجندل أرض ذات حجارة، والسجع هَدِيرُ الحمام ونحوه، وقوله، فأنت بمرأي ـ أي بحيث تراك سُعَادُ وتسمع صوتك، يقال: فلان بمرأي مني ومسمع، أي بحيث أراه وأسمع قوله، كذا في الصحاح، فظهر فساد ما قيل إن معناه ـ أنت بموضع تَرَيْنَ منه سُعَادَ وتسمعين كلامها، وفساد ذلك مما يشهد به العقل والنقل(٢) [وفيه نظر] لأن كلا من كثرة التكرار وتتابع الاضافات إن ثَقُلَ اللفظ بسببه على اللسان فقد

__________________

(١) هو من قصيدة لعبد الصمد بن منصور بن الحسن بن بابك من شعراء الدولة العباسية.

(٢) لأن المعروف في ذلك أن سجع الحمام يطلب لتسمعه المحبوبة فتهيج به إلى عاشقها، وليس من المعقول أن الحمام يسجع لأنه يري سعاد أو غيرها.

۵۲۰۱