وَيتَأَتَّى بالْعَقْلِيَّةِ لِجَوَازِ أنْ تَخْتَلِفَ مَرَاتِبُ اللُّزُومِ في الوُضُوحِ.


ومُرَاجَعَة أطول، مع كَوْنِ الألفاظ مترادفةً والسامع عالما بالوضع، وهذا مما نجده من أنفسنا، والجواب أن التَّوَقُّفَ إنما هو من جهة تَذَكُّرِ الواضع، وبعد تَحَقُّقِ العلم بالوضع وحصوله بالعقل فالفهم ضَرُورِيٌّ [ويتأتى] الإيراد المذكور [بالعقلية] من الدلالات [لجواز أن تختلف مراتب اللزوم في الوضوح] أي مَرَاتِبُ لزوم الأجزاء للكل في التضمن، ومراتبُ لزوم اللوازم للملزوم في الالتزام، وهذا في الالتزام ظاهر، فإنه يجوز أن يكون للشيء لوازم متعددة بعضها أقرب إليه من بعض، وأسرع انتقالا منه إليه(١) لقلة الوسائط، فيمكن تأدية الملزوم بالألفاظ الموضوعة لهذه اللوازم المختلفة الدلالة عليه وضوحا وخفاء * وكذا يجوز أن يكون لِلاَّزِمِ ملزوماتٌ لُزُومُهُ لبعضها أوضح منه للبعض الآخر، فيمكن تأدية اللازم بالألفاظ الموضوعة للملزومات المختلفة وضوحا وخفاء، وأما في التضمن فلأنه يجوز أن يكون المعنى جُزْءاً من شيء وجزءاً لجزء من شيء آخر، فدلالة الشيء الذي ذلك المعنى جُزْءٌ منه على ذلك المعنى أوضح من دلالة الشيء الذي ذلك المعنى جُزْءٌ من جزئه، مثلا دلالة الحيوان على الجسم أوضح من دلالة الإنسان عليه، ودلالة الجدار على التراب أوضح من دلالة البيت عليه، فإن قلت بل الأمر بالعكس، فإن فهم الجزء سابق على فهم الكل، قلت نعم، ولكنَّ المراد هنا انتقال الذهن إلى الجزء وملاحظته بعد فهم الكل، وكثيرا ما يفهم الْكُلُّ من غير التفات إلى الجزء، كما ذكره الشيخ الرئيس في الشفاء أنه يجوز أن يخطر النوع بالبال ولا يلتفت الذهن إلى الجنس.

__________________

(١) أي من ذلك الشيء إلى ذلك البعض.

۵۲۰۱