عَلَى ما كانَ عِنْدَهُمْ أَوْجَزَ كَلاَم في هذَا المَعْنى وَهُوَ ـ الْقَتْلُ أنْفَى لِلقَتْلِ ـ بِقِلَّةِ حُرُوفِ ما يُناظِرُهُ مِنْهُ، وَالنَّصِّ عَلَى المَطْلُوبِ، وَما يُفِيدُهُ تَنْكِيرُ حَياة مِنَ التَّعْظِيمِ، لِمَنْعِهِ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ قَتْلِ جَمَاعَة بِوَاحِد، أوِ النَّوْعِيَّةِ الحاصِلةِ لِلْمَقْتُولِ وَالْقاتِلِ بِالاْرْتِداعِ، وَاطِّرَادِهِ، وَخُلُوِّهِ عَنِ التَّكْرَارِ، وَاسْتِغْنائِهِ عَنِ تَقْدِيرِ


[على ما كان عندهم أوجز كلام في هذا المعنى وهو] قولهم [القتل أنفى للقتل ـ بقلة حروف ما يناظره] أي اللفظ الذي يناظر قولهم ـ القتل أنفى للقتل [منه] أي من قوله تعالى ـ ولكم في القصاص حياة ـ وما يناظره منه هو قوله ـ في القصاص حياة ـ لأن قوله ـ ولكم ـ زائد على معنى قولهم ـ القتل أنفى للقتل ـ فحروف ـ في القصاص حياة ـ مع التنوين أحد عشر، وحروف ـ القتل أنفى للقتل ـ أربعة عشر، أعنى الحروف الملفوظة، إذ بالعبارة يتعلق الإيجاز لا بالكتابة [والنص] أي وبالنص [على المطلوب] يعنى الحياة(١) [وما يفيده تنكير حياة من التعظيم لمنعه] أي منع القصاص إيَّاهُمْ [عما كانوا عليه من قتل جماعة بواحد] فحصل لهم في هذا الجنس من الحكم أعنى القصاص حياة عظيمة [أو ]من [النوعية أي] ولكم في القصاص نوع من الحياة، وهي الحياة [الحاصلة للمقتول] أي الذي يُقْصَدُ قتله [والقاتل] أي الذي يَقْصِدُ القتل [بالارتداع] عن القتل لِمَكَانِ الْعِلْمِ بالاقتصاص [واطراده] أي وَبِكَوْنِ قوله، ولكم في القصاص حياة ـ مُطَّرِداً، إذ الاقتصاص مطلقا سبب للحياة، بخلاف القتل، فإنه قد يكون أنفى للقتل كالذي على وجه القصاص، وقد يكون أدعى له كالقتل ظلما [وخلوه عن التكرار] بخلاف قولهم، فإنه يشتمل على تكرار القتل، ولا يخفى أن الخالى عن التكرار أفضل من المشتمل عليه، وإن لم يكن مُخِلاًّ بالفصاحة [واستغنائه عن تقدير

__________________

(١) أما قولهم فالنص فيه على انتفاء القتل، وهو ليس مطلوبا لذاته، وإنما يطلب لما يترتب عليه من الحياة.

۵۲۰۱