مُثْبَتاً، وَأمَّا المُقارَنَةُ فَلِكَوْنِهِ مُضَارِعاً، وَأمَّا مَا جَاءَ مِنْ نَحْوِ ـ قُمْتُ وَأصُكُّ وَجْهَهُ ـ وَقَوْلِهِ:

فَلَمَّا خَشِيتُ أظَافِيرَهُمْ

نَجَوْتُ وَأرْهَنُهُمْ مالِكَا

فَقِيلَ عَلَى حَذْفِ المُبْتَدَإ، أيْ وَأنَا أصُكُّ، وَأنَا أرْهَنُهُمْ، وَقِيلَ الأوَّلُ شَاذٌّ، وَالثَّانِي ضَرُورَةٌ ـ وَقَالَ عَبْدُ الْقاهِرِ: هِيَ فِيهِما لِلْعَطْفِ، وَالأصْلُ وَصَكَكْتُ


التَّجَدُّدِ وعدم الثبوت [مثبتا] فيدل على الحصول [وأما المقارنة فلكونه مضارعا] فيصلح للحال كما يصلح للاستقبال، وفيه نظر لأن الحال التي يدل عليها المضارع هو زمان التكلم، وحقيقته أجزاء مُتَعَاقِبَةٌ من أواخر الماضى وأوائل المستقبل، والحال التي نحن بصَدَدِهَا يجب أن يكون مقارنا لزمان مضمون الفعل المقيد بالحال ماضيا كان أو حالا أو استقبالا، فلا دخل لِلْمُضَارَعَةِ في المقارنة، فالأولى أن يُعَلِّلَ امتناع الواو في المضارع المثبت بأنه على وزن اسم الفاعل لفظا وبتقديره معنى(١) [وأما ما جاء من نحو] قول بعض العرب [قمت وأصك وجهه وقوله(٢) فلما خشيت أظافيرهم] أي اسلحتهم [نجوت وأرهنهم مالكا، فقيل] إنما جاء الواو في المضارع المثبت الواقع حالا [على] اعتبار [حذف المبتدإ] لتكون الجملة اسمية [أي وأنا أصك وأنا أرهنهم] كما في قوله تعالى ﴿لِمَ تُؤْذُونَنِى وَقَدْ تَعْلَمُونَ أنِّي رَسُولُ اللهِ إلَيْكُمْ أي وأنتم قد تعلمون [وقيل الأول] أي قمت وأصك وجهه [شاذ، والثاني] أي نجوت وأرهنهم [ضرورة، وقال عبد القاهر: هي] أي الواو [فيهما للعطف] لا للحال، إذ ليس المعنى ـ قمت صاكا وجهه ونجوت راهنا مالكا ـ بل المضارع بمعنى الماضى [والأصل] قمت [وصككت]

__________________

(١) لأن المضارع إذا وقع حالا يؤول باسم الفاعل، لاشتراكهما في الحال والاستقبال، فنحو ـ جاء زيد يتكلم ـ بمعني جاء متكلما.

(٢) هو لبعدالله بن هَمَّام السَّلُولِيِّ من الشعراء الإسلاميين، وكان قد توعده عُبَيْدُالله بن زِيَادِ فهرب منه إلى الشام.

۵۲۰۱