لِأَنَّهَا فِي الْمَعْنَى حُكْمٌ عَلَى صَاحِبِها كالْخَبرِ وَوَصْفٌ لَهُ كالنَّعْتِ، لكِنْ خُولِفَ هَذَا إذَا كَانَتْ جُمْلَةً، فَإنَّهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِالافَادَة، فَتَحْتاجُ إلَى ما يَرْبِطُها بِصَاحِبِها،


واو الْبَتَّةً، لشدة ارتباطها بما قبلها، وإنما كان الأصل في المنتقلة الخلو عن الواو [لأنها في المعنى حكم على صاحبها كالخبر] بالنسبة إلى المبتدإ، فإن قولك ـ جاء زيد راكبا ـ إثباتُ الركوب لزيد، كما في ـ زيد راكب ـ إلاَّ أنه في الحال على سبيل التبعية، وإنما المقصود إثبات المجىء، وجئت بالحال لتزيد في الاخبار عن المجىء هذا المعنى [ووصف له] أي ولأنها في المعنى وصف لصاحبها [كالنعت] بالنسبة إلى المنعوت، إلا أن المقصود في الحال كَوْنُ صاحبها على هذا الوصف حال مباشرة الفعل، فهي قيد للفعل وبيان لِكَيْفيَّة وقوعه، بخلاف النعت فإنه لا يقصد به ذلك، بل مجرد اتصاف المنعوت به، وإذا كانت الحال مثل الخبر والنعت فكما أنهما يكونان بدون الواو فكذلك الحال، وأمَّا ما أورده بعض النحويين من الأخبار والنعوت الْمُصْدَّرَةِ بالواو كالخبر في باب كان، والجملة الوصفية المصدرة بالواو التي تسمى واو تأكيد لُصُوقِ الصفة بالموصوف فعلى سبيل التشبيه والالحاق بالحال(١) [لكن خولف] هذا الأصل [إذا كانت] الحال [جملة فإنها] أي الجملة الواقعة حالا [من حيث هي جملة مستقلة بالافادة] من غير أن تتوقف على التعليق بما قبلها، وإنما قال من حيث هي جملة لأنها من حيث هي حال غير مستقلة، بل متوقفة على التعليق بكلام سابق قصد تقييده بها [فتحتاج] الجملة الواقعة حالا [إلى ما يربطها بصاحبها] الذي جعلت حالا

__________________

لا تَعْثَ في الاْرض مُفْسداً ـ وتقابلها المؤسِّسَةُ لا المنتقلة.

(١) ومن هذا في باب كان وأخواتها قوله:

فلما صَرَّحَ الشَّرُّ

فأمسى وَهُوَ عُرْيَانَ

وفي باب الصفة قوله تعالى ﴿وَمَا أهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَة إلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ.

۵۲۰۱