أَقُولُ لَهُ ارْحَلْ لاَ تُقِيمَنَّ عِنْدَنَا

وَإلاَّ فَكُنْ فِي السِّرِّ وَالجَهْرِ مُسْلِمَا

فَإنَّ الْمُرَادَ بِهِ إظْهارُ كمالِ الْكَرَاهَةِ لاِقامَتِهِ، وَقَوْلُهُ ـ لاَ تُقِيمَنَّ عِنْدَنا ـ أَوْفَى بِتَأْدِيَتِهِ، لِدِلاَلَتِهِ عَلَيْهِ بالمطابقة مَعَ التَأْكِيدِ، فَوِزَانُهُ وِزَانُ ـ حُسْنُهَا ـ فِي ـ أَعْجَبَتْنِى الدَّارُ حُسْنُهَا ـ لِأَنَّ عَدمَ الاْقامَةِ مُغايِرُ للارْتِحَالِ وَغَيْرُ دَاخِل فِيهِ مَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُلاَبِسَةَ، أَوْ بَيَاناً لَهَا لِخَفائِها، نَحْوُ ـ فَوَسْوَسَ إلَيهِ الشِّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ


أقول له ارحل لا تقيمن عندنا

وإلا فكن في السر والجهر مسلما(١)

فإن المراد به] أي بقوله ـ ارحل [كمال إظهار الكراهة لاقامته] أي الْمُخَاطَبِ [وقوله ـ لا تقيمن عندنا ـ أوفى بتأديته لدلالته] أي لدلالة ـ لا تقيمن [عليه] أي على كمال إظهار الكراهة [بالمطابقة مع التأكيد] الحاصل من النون، وَكَوْنُهَا مطابقة باعتبار الوضع الْعُرْفِي، حيث يقال ـ لا تقم عندى ـ ولا يقصد كَفُّهُ عن الاقامة، بل مجرد إظهار كراهة حضوره [فوزانه] أي وزان ـ لا تقيمن عندنا [وزان حسنها في ـ أعجبتنى الدار حسنها ـ لأن عدم الاقامة مغاير للارتحال] فلا يكون تأكيدا [وغير داخل فيه] فلا يكون بدل بعض، ولم يَعْتَدَّ ببدل الكل لأنه إنما يتميز عن التأكيد بمغايرة اللفظين وكون المقصود هو الثاني، وهذا لا يتحقق في الجمل لا سيما التي لا محل لها من الاعراب [مع ما بينهما] أي بين عدم الاقامة والارتحال [من الملابسة] اللُّزُومِيَّة فيكون بدل اشتمال، والكلام في أن الجملة الأولى أعنى ـ أرحل ـ ذاتُ محل من الاعراب مثل ما مَرَّ في ـ أرسوا نزاولها ـ وإنما قال في المثالين إن الثانية أوفى لأن الأولى وافية مع ضرب من القصور باعتبار الاجمال وعدم مطابقة الدلالة، فصارت كغير الوافية [أو] لكون الثانية [بيانا لها] أي للأولى [لخفائها] أي الأولى [نحو ـ فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك

__________________

(١) لم يعرف شارح الشواهد قائله، ومعناه أنه يريد من صاحبه أن يكون معه على ما يكون عليه المسلم من استواء ظاهره وباطنه.

۵۲۰۱