وَقَدْ تُسْتعمَلُ صِيغَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْناهُ كالاغْرَاءِ في قَوْلِكَ لِمَنْ أَقْبَلَ يَتَظَلَّمُ ـ يَا مظْلُومُ ـ وَالاخْتِصاصِ في قَوْلِهِمْ ـ أَنَا أَفْعَلُ كَذَا أَيُّهَا الرَّجُلُ ـ


لفظا أو تقديرا(١) [وقد تستعمل صيغته] أي صيغة النداء [في غير معناه] وهو طلب الاقبال [كالاغراء في قولك لمن أقبل يتظلم ـ يا مظلوم] قَصْداً إلى إغرائه وحَثِّهِ على زيادة التظلم وبَثِّ الشكوى، لأن الاقبال حاصل [والاختصاص في قولهم ـ أنا أفعل كذا أيها الرجل] فقولنا ـ أيها الرجل ـ أصله تخصيص الْمُنَادَى بطلب إقباله عليك، ثم جُعِلَ مُجَرَّداً عن طلب الاقبال ونُقِلَ إلى تخصيص مدلوله من بين أمثاله بما نسب إليه، إذ ليس المراد بأيٍّ وَوَصْفِهِ الْمُخَاطَبَ، بل ما دل عليه ضمير المتكلم(٢) فَأيُّهَا مَضْمُومٌ(٣) والرجل مرفوع، والمجموع في محل النصب على أنه حال، ولهذا قال

__________________

(١) نحو قوله تعالى ـ ﴿يُوسُفُ أعْرِضْ عَنْ هَذَا واسْتَغْفِرِى لِذَنْبِكِ إنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ ـ فالتقدير يا يوسف.

(٢) ولهذا كان الاختصاص صُورَتُهُ صُورَةُ نداء وليس بنداء، فلا يجوز فيه إظهار حرف النداء كما يجوز في غيره.

(٣) يعنى أنه مبنى على الضم لأنه نكرة مقصودة، وهو في محل نصب بفعل محذوف تقديره ـ أخُصُّ.

تطبيقات على النداء:

١ـ أيَا مَنَازِلَ سلمى أين سَلْمَاكِ

من أجل هذا بكيناها بكيناك

٢ـ فيالائمى دَعْنِى أُغَالِى بقيمتي

فَقِيمَةُ كُلِّ الناسِ ما يحسنونَهُ

٣ـ إنَّا بَنِى نَهْشَل لا نَدَّعِى لاِب

عنه ولا هو بالآباء يَشْرِينَا

النداء في الأول للتحسر، وهو من نداء البعيد لعظم شأن الْمُنَادَى عند المنادي، وقوله ـ بكيناها بكيناك ـ على تقدير حرف العطف، وفي الثاني لطلب الاقبال، وهو من نداء البعيد للاشارة إلى انحطاط رتبته، وفي الثالث للاختصاص، والتقدير ـ أخص بنى نهشل.

أمثلة أخرى:

١ـ صَادِحَ الشرق قد سكَتَّ طَوِيلاَ

وَعَزِيزٌ علينا ألاَّ تقولاَ

٢ـ يالَكِ من قُبَّرَة بِمَعْمَرِ

خلالكَ الْجوُّ فَبيضِى واصْفِرِى

٣ـ يا لَلرِّجالِ ذوى الألباب من نَفَر

لا يبرح السَّفَهُ الْمُرْدِى لهم دِيناً

۵۲۰۱