وَالتَّسْوِيَةِ، نَحْوُ ـ اصْبِرُوا أَوْ لاَ تَصْبُروا ـ وَالتَّمَنِّى نَحْوُ:

* أَلاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطِّوِيلُ أَلاَ انْجَلِى *

وَالدُّعَاءِ، نَحْوُ ـ رَبِّ اغْفِرْلِى ـ وَالاِلْتِماسِ، كَقَوْلِكَ لِمَنْ يُسَاوِيكَ رُتْبَةً ـ افْعَلْ ـ بِدُونِ اسْتِعْلاَء.

ثُمَّ الْأَمْرُ قَالَ السَّكَّاكِيُّ حقّه الْفَوْرُ، لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ الطَّلَبِ، وَلِتَبَادُرِ الْفَهْمِ عِنْدَ الْأَمْرِ بِشَيْء بَعْدَ الْأَمْرِ بِخِلاَفِهِ إلى تَغْيِيرِ


التسخير يحصل الفعل، أعنى صَيْرُورَتَهُمْ قردة، وفي الاهانة لا يحصل، إذ المقصود قِلَّةُ الْمُبَالاَةِ بهم [والتسوية نحو ـ اصبروا أو لا تصبروا] ففي الاباحة كأن الْمُخَاطَبَ تَوَهَّمَ أن الفعل محظور عليه فَأُذِنَ له في الفعل مع عدم الْحَرَجِ في الترك، وفي التسوية كأنه توهم أن أحد الطرفين من الفعل والترك أنفع له وأرجح بالنسبة إليه فَدُفِعَ ذلك وسُوِّيَ بينهما [والتمني نحو:

ألاَ أيُّهَا الليل الطويل ألاَ أنْجَلِى]

بصبح وما الاصباحُ منك بأمْثَلِ(١)

إذ ليس الغرض طلب الانجلاء من الليل، إذ ليس ذلك في وسعه، لكنه يتمني ذلك تخلصا مما عرض له في الليل من تَبَارِيحِ الْجَوَى، ولاستطالته تلك الليلة كأنه لا طَمَاعِيَةَ له في انجلائها، فلهذا يحمل على الَّتمَنِّى دون التَّرَجِّي [والدعاء] أي الطلب على سبيل التَّضَرُّعِ [نحو ـ رب اغفرلى ـ والالتماس، كقولك لمن يساويك رتبة ـ افعل ـ بدون الاستعلاء] والتضرع، فإن قيل أيُّ حاجة إلى قوله ـ بدون الاستعلاء ـ مع قوله ـ لمن يساويك رتبة ـ قلت قد سبق أن الاستعلاء لا يستلزم الْعُلُوَّ، فيجوز أن يتحقق من الْمُسَاوِي بل من الأدنى أيضا.

[ثم الأمر قال السكاكى حقه الفور لأنه الظاهر من الطلب] عند الانصاف كما في الاستفهام والنداء [ولتبادر الفهم عند الأمر بشيء بعد الأمر بخلافه إلى تغيير] الأمر [الأول

__________________

(١) هو لامرىء القيس، وأمثل بمعنى أفضل.

۵۲۰۱