وَفِي الثلاَثَةِ الباقِيَةِ النصُّ عَلَى المُثْبِتِ فَقَطْ وَالنفْيُ لاَ يُجَامِعُ الثانِي، لأنَّ شرْطَ المَنْفِيِّ بِلاَ أَلاَّ يَكُونَ منفياً قبْلَها بِغَيرها،


لا غير ـ مثل ـ لا مَا سِوَاهُ، ولا من عَدَاهُ، وما أشبه ذلك [و] الأصل [في الثلاثة الباقية النص على المثبت فقط] دون المنفي، وهو ظاهر.

[والنفي] أي الوجه الثالث من وجوه الاختلاف أن النفي بلا العاطفة [لا يجامع الثاني] أعنى النفي والاستثناء، فلا يصح ما زيد إلا قائم لا قاعد، وقد يقع مثل ذلك في كلام المصنفين لا في كلام البلغاء [لأن شرط المنفي بلا العاطفة ألا يكون] ذلك المنفي [منفيا قبلها بغيرها] من أدوات النفي، لأنها موضوعة لأن تنفي بها ما أوجبته للمتبوع، لا لأن تعيد بها النفي في شيء قد نفيته، وهذا الشرط مفقود في النفي والاستثناء، لأنك إذا قلت ـ ما زيد إلا قائم ـ فقد نفيت عنه كل صفة وقع فيها التنازع، حتى كأنك قلت ليس هو بقاعد ولا نائم ولا مضطجع ونحو ذلك، فإذا قلت لا قاعد فقد نفيت عنه بلا العاطفة شيئا هو منفي قبلها بما النافية، وكذا الكلام في ـ ما يقوم إلا زيد ـ وقوله ـ بغيرها ـ يعنى من أدوات النفي على ما صرح به في المفتاح، وفائدته الاحتراز عما إذا كان منفيا بِفَحْوَى الكلام، أو عِلْمِ المتكلم أو السامع، أو نحو ذلك، كما سيجيء في ـ إنما ـ لا يقال هذا يقتضى جواز أن يكون منفيا قبلها بلا العاطفة الأخرى، نحو ـ جاءني الرجال لا النساء لا هند ـ لأنا نقول الضمير لذلك المُشَخَّصِ، أي بغير لا العاطفة التي نفي بها ذلك المنفي(١) ومعلوم أنه يمتنع نفيه قبلها بها، لامتناع أن ينفي شيء بلا قبل الاتيان بها، وهذا كما يقال ـ دَأْبُ الرجل الكريم ألاَّ يؤذى غيره ـ فإن المفهوم منه ألاَّ يؤذى غيره سواء كان ذلك الغير كريما أو غير كريم

__________________

(١) فيكون المراد ألاَّ يكون منفيا قبلها بغير شخص لا، وهذا يشمل ـ لا ـ التي تكون قبلها، لأن هذا منفية بغير شخص ـ لا ـ الداخلة عليها قبل التصريح بها.

۵۲۰۱