وَكَذلِكَ قَوْلُكَ ـ بِزَيْد مَرَرْتُ ـ

وَالتَّخْصِيصُ لاَزِمٌ لِلتقْدِيمِ غَالِباً، وَلَهذَا يُقالُ فِي ـ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ ـ مَعْنَاهُ نَخُصُّكَ بِالْعبَادَةِ وَالاسْتِعانَةِ، وَفِي ـ لاليَ اللهِ تُحْشَرُونَ ـ مَعْناهُ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ لاَ إلَى غَيْرِهِ، وَيُفِيدُ فِي الجَميعِ وَرَاءَ التخْصِيصِ اهْتماماً بِالمُقَدَّمِ، وَلِهذَا يُقَدَّرُ فِي ـ بِسْمِ اللهِ ـ مُؤَخَّراً،


فأكرمته ـ فتأمل [وكذلك] أي ومثل ـ زيدا عرفت ـ في إفادة الاختصاص [قولك ـ بزيد مررت] في المفعول بواسطة، لمن اعتقد أنك مررت بانسان وأنه غير زيد، وكذلك ـ يَوْمَ الجمعة سرت، وفي المسجد صليت، وتأديباً ضربته، وماشياً حججت.

[والتخصيص لازم للتقديم غالبا] أي لا ينفك عن تقديم المفعول ونحوه في أكثر الصور بشهادة الاستقراء وحكم الذوق، وإنما قال غالبا لأن اللزوم الكلي غير متحقق، إذ التقديم قد يكون لأغراض أخر كمجرد الاهتمام، والتبرك، والاستلذاذ، وموافقة كلام السامع، وضرورة الشعر، ورعاية السجع والفاصلة، ونحو ذلك، قال الله تعالى ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ، ثُمَّ فِي سِلْسِلَة ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ وقال ﴿وَإنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظينَ وقال ﴿فأمَّا الْيَتِيمِ فَلاَ تَقْهَرْ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهرْو قال ﴿وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ إلى غير ذلك مما لا يحسن فيه اعتبار التخصيص عند من له معرفة بأساليب الكلام [ولهذا] أي ولأن التخصيص لازم للتقديم غالبا [يقال في ـ إياك نعبد وإياك نستعين ـ معناه نخصك بالعبادة والاستعانة] بمعنى نجعلك من بين الموجودات مخصوصا بذلك، لا نعبد ولا نستعين غيرك [وفي ـ لا لي الله تحشرون ـ معناه إليه تحشرون لا إلى غيره، ويفيد] التقديم [في الجميع] أي جميع صور التخصيص [وراء التخصيص] أي بَعْدَهُ [اهتماما بالمقدم] لأنهم يقدمون الذي شأنه أهم، وهم ببيانه أعْنَى [ولهذا يقدر] المحذوف [في ـ بسم الله ـ مؤخرا] أي ـ بسم الله أفعل كذا ـ ليفيد مع الاختصاص الاهتمام، لأن المشركين كانوا

۵۲۰۱