كما في قَوْلهِ تعالى ـ اللهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهمْ ـ وَفِي نَحْوِ قَوْلهِ تَعَالَى ـ وَلَوْ تَرَى إذْ وُقِفُوا عَلَى النارِ ـ لِتَنْزِيلِه مَنْزِلَة المَاضى لِصُدُورِهِ عَمَّنْ لاَ خِلاَفَ في إخْبارِه،


يجوز أن يفيد المنفي استمرار النفي، والداخل عليه ـ لو ـ يفيد استمرار الامتناع، كما أن الجملة الاسمية المثبتة تفيد تأكيد الثبوت ودوامه، والمنفية تفيد تأكيد النفي ودوامه، لا نفي التأكيد والدوام، كقوله تعالى ﴿وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ رَدَّا لقولهم ﴿إنَّا آمَنَّاعلى أبلغ وجه وآكده [كما في قوله تعالى ـ ألله يستهزيء بهم] حيث لم يقل ـ الله مستهزىء ـ بهم قصدا إلى استمرار الاستهزاء وتجدده وقتا فوقتا [و] دخولها على المضارع [في نحو قوله تعالى ـ ولو تري] الخطاب لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، أو لكل من تتأتى منه الرؤية [إذ وقفوا على النار] أي أُرُوهَا حتى يعاينوها أو أُطْلِعُوا عليها إطْلاَعاً هي تحتهم، أو أُدْخِلُوهَا فعرفوا مقدار عذابها، وجواب ـ لو ـ محذوف، أي لرأيت أمرا فظيعا [لتنزيله] أي المضارع [منزلة الماضى، لصدوره] أي المضارع أو الكلام [عمن لا خلاف في إخباره] فهذه الحالة إنما هي في القيامة، لكنها جعلت بمنزلة الماضى الْمُتَحقِّقِ، فاستعمل فيها ـ لَوْ وإذْ ـ المختصان بالماضى، لكِنْ عُدِلَ عن لفظ الماضى ولم يقل ـ ولو رأيت ـ إشارة إلى انه كلام من لا خلاف في إخباره، والمستقبل عنده بمنزلة الماضى في تحقق الوقوع، فهذا الأمر مستقبل في التَّحْقِيقِ، مَاض بحسب

__________________

دخلت لو على المضارع في الأول لاستحضار تلك الصورة الفظيعة، وفي الثاني لاستحضار تلك الصورة المحبوبة.

أمثلة أخري:

١ـ ولو لَبِس الحمارُ ثيابَ خَزٍّ

لقال الناسُ يالَكَ مِنْ حِمَارِ

٢ـ قالوا الْحِمَايَةُ زالتْ قلتُ لا عَجَبٌ

بل كان باطلها فيكم هو الْعَجَبَا

لو تسألون (أَلنبِىِ) يوم جَنْدَلَها

بأيّ سَيْف على يَافُوخِهَا ضَرَبَا

أَبا لذي جَرَّ يوم السِّلْمِ مُتَّشِحاً

أم بالذي هَزَّ يوم الحرب مُخْتَضِباً

۵۲۰۱