أَيْ إنَّ لَنَا فِي الدُّنْيَا وَلَنَا عَنْهَا، وَقَوْله تَعَالَى ﴿قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّيوَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَصَبْرٌ جَميلٌ يَحْتَمِلُ الأَمْرَيْنِ: أَي أَجْمَلُ أَوْ فَأَمْرِى.

وَلاَبُدَّ مِنْ قَرِينَة، كَوُقُوعِ الْكَلاَمِ جَوَاباً لِسُؤَال مُحَقَّق نَحْوُ ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ


[أي إنّ لنا في الدنيا] حُلُولاً [و] إن [لنا عنها] إلى الآخرة ارتحالا، والمسافرون قد تَوَغَّلُوا في المضى لا رجوع لهم، ونحن على أثرهم عن قريب، فحذف المسند الذي هو ظرف قطعا لقصد الاختصار والعدول إلى أقوى الدليلين، أعنى العقل، ولضيق المقام، أعنى المحافظة على الشعر، ولإتباع الاستعمال لا طِّرَادِ الحذف في مثل ـ إنَّ مَالاً وَإنَّ وَلَداً ـ وقد وضع سيبويه في كتابه لهذا بابا فقال ـ هذا باب ـ إن مالا وإن ولدا(١)[وقوله تعالى ـ قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي] فقوله ـ أنتم ـ ليس بمبتدإ، لأن لو إنما تدخل على الفعل، بل هو فاعل فعل محذوف، والأصل ـ لو تملكون تملكون ـ فحذف الفعل الأول احترازا عن العبث لوجود المفسر، ثم أُبْدِلَ من الضمير المتصل ضَمِيرٌ منفصل على ما هو القانون عند حذف العامل، فالمسند المحذوف ههنا فعل وفيما سبق اسم أو جملة [وقوله تعالى ـ فصبر جميل ـ يحتمل الأمرين] حَذْفِ المسند أو المسند إليه [أي] فَصَبْرٌ جَمِيلٌ [أجمل أو فأمرى] صَبْرٌ جَمِيلٌ، ففي الحذف تكثير للفائدة بامكان حمل الكلام على كل من المعنيين، بخلاف ما لو ذكر فإنه يكون نَصّاً في أحدهما.

[ولابد] للحذف [من قرينة] دالة عليه ليفهم منه المعنى [كوقوع الكلام جوابا لسؤال محقق نحو ـ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله] أي خلقهن الله،

__________________

المسافرين، ويعنى بهم الموتى، والمهل مصدر بمعنى الامهال وطول الغيبة.

(١) وضابط هذا الباب أن تتكرر إن ويتعدد اسمها، فيطرد في هذه الحالة حذف خبرها.

۵۲۰۱