وَ لِأَنَّ النَّكِرَةَ المَنْفِيَّةً إذَا عمّت كَانَ قَوْلُنا ـ لَمْ يَقُمْ إنسانٌ ـ سَالِبَةً كُلِّيَةً لاَ مُهْمَلَةً.

وَقَالَ عَبْدُ الْقاهِرِ: إنْ كَانَتْ كُلٌّ دَاخِلَةً فِي حَيّزِ النَّفْيِ بِأَنْ أخَرَتْ عَنْ أَدَاتِهِ نَحْوُ:

* مَا كُلُّ مَا يَتَمنَّى الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ *

أَوْ مَعْمُولَةً لِلفِعْلِ المَنْفِيّ


تأكيدا ففيه نظر، إذ لو اشترط في التأكيد اتحاد الدلالتين لم يكن حينئذ ـ كل إنسان لم يقم ـ على تقدير كونه لنفي الحكم عن الجملة تأكيدا، لأن دلالة ـ إنسان لم يقم ـ على هذا المعني التزام(١) [ولأن النكرة المنفية إذا عمت كان قولنا ـ لم يقم إنسان سالبة كلية لا مهملة] كما ذكره هذا القائل، لأنه قد بُيِّنَ فيها أن الحكم مسلوب عن كل واحد من الأفراد، والبيان لابد له من مُبَيِّن، ولا محالة ههنا شيء(٢) يدل على أن الحكم فيها على كُلِّيَّةِ أفراد الموضوع، ولا نعنى بالسور سوى هذا، وحينئذ يندفع ما قيل سماها مهملة باعتبار عدم السور.

[وقال عبد القاهر: إن كانت] كلمة [كل داخلة في حيز النفي بأن أخرت عن أداته] سواء كانت معمولة لأداة النفي أولا، وسواء كان الخبر فعلا [نحو ـ ما كل ما يتمنى المرء يدركه].

تجري الرياح بما لا تشتهى السُّفُنُ(٣)

أو غير فعل، نحو قولك ـ ما كل مُتَمَنَّى المرء حاصلا [أو معمولة للفعل المنفى] الظاهر أنه عَطْفٌ ـ على داخلة ـ وليس بسديد، لأن الدخول في حيز النفي شامل

__________________

(١) لأن مدلوله المطابقى ثبوت النفي عن إنسان ما ويلزمه النفي عن الجملة.

(٢) وهو وقوع النكرة في سياق النفي ـ وبعد فهذا البحث على طوله لا طائل تحته، ولا يليق الاشتغال به في علوم البلاغة.

(٣) هو لأبي الطيب المتنبى.

۵۲۰۱