لِحُصُولِهِ بِغَيْرِهِ كَما ذَكَرَهُ، ثُمَّ لاَنُسَلِّمُ امْتِنَاعَ أنْ يُرَادَ المُهِرُّ شَرٌّ لاَ خَيْرٌ،


لحصوله] أي التخصيص [بغيره] أي بغير تقدير التقديم [كما ذكره] السكاكى من التهويل وغيره كالتحقير والتكثير والتقليل، والسكاكى وإن لم يصرح بأن لا سبب للتخصيص سواه، لكن لزم ذلك من كلامه حيث قال: إنما يرتكب ذلك الوجه البعيد عند المنكر لفوات شرط الابتداء، ومن العجائب أن السكاكى إنما ارتكب في مثل ـ رجل جاءنى ـ ذلك الوجه البعيد لئلا يكون المبتدأ نكرة محضة، وبعضهم يزعم أنه عند السكاكى بدل مقدم لا مبتدأ، وأن الجملة فعلية لا اسمية، ويتمسك في ذلك بتلويحات بعيدة من كلام السكاكى، وبما وقع من السهو للشارح العلامة في مثل ـ زيد قام وعمرو قعد ـ أن المرفوع يحتمل أن يكون فاعلا مقدما أو بدلا مقدما، ولا يلتفت إلى تصريحاتهم بامتناع تقديم التوابع، حتى قال الشارح العلامة في هذا المقام: إن الفاعل هو الذي لا يتقدم بوجه ما، وأما التوابع فتحتمل التقديم على طريق الفسخ، وهو أن يفسخ كونه تابعا ويقدم، وأما لا على طريق الفسخ فيمتنع تقديمها أيضا، لاستحالة تقديم التابع على المتبوع من حيث هو تابع، فافهم [ثم لا نسلم امتناع أن يراد ـ المهر شر لا خير] كيف وقد قال الشيخ عبد القاهر: قدم ـ شر ـ لأن المعنى أن الذي أهَرَّهُ من جنس الشر لا من جنس الخير(١).

__________________

(١) لأن الهرير صوت الكلب مطلقا لخير أو لشر، فيتأتى تخصيصه بأحدهما.

تطبيقات على تقديم المسند إليه:

١ـ قوله تعالى ـ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيماً.

٢ـ المشرقان عليك ينتحبانِ

قاصيهما في مَأْتَم والدَّانِى

٣ـ وما أنا أسقمتُ جسمى به

ولا أنا أضرمتُ في القلب نَارَا

۵۲۰۱