وَأَحْسَنُهُ مَا زَادَ عَلَى الْأَصْلِ بِنُكْتَة كَالتَّوْرِيَة وَالتَّشْبِيهِ في قَوْلِهِ:

إذَا الْوهْمُ أَبْدَى لِي لمَاهَا وَثَغْرَهَا

تَذَكَّرْتُ ما بَيْنَ الْعُذَيْبِ وَبَارِقِ

وَيُذْكِرُنِي مِنْ قَدِّهَا وَمَدَامِعِى

مَجَرَّ عَوَالِينَا وَمَجْرَى السَّوَابقِ


المصراع الأخير لأبي تمام(١).

[وأحسنه] أي أحسن التضمين [ما زاد على الأصل] أي شعر الشاعر الأول [بنكتة] لا توجد فيه [كالتورية] أي الايهام [والتشبيه في قوله: إذا الوهم أبدى] أي أظهر [لى لماها] أي سمرة شفتيها [وثغرها * تذكرت ما بين العذيب وبارق ـ ويذكرنى] من الاْذْكَارِ [من قدها ومدامعى * مجر عوالينا ومجري السوابق(٢)] انتصب ـ مجر ـ على أنه مفعول ثان ليذكرنى، وفاعله ضمير يعود إلى الوهم، وقَوْلُهُ:

تذكرت ما بين العذيب وبارق

مجر عوالينا ومجرى السوابق

مَطْلَعُ قصيدة لأبي الطيب، والعذيب وبارق موضعان، و ـ ما بين ـ ظرف للتذكر أو للمجر والمجرى اتساعا في تقديم الظرف على عامله المصدر، أو ـ ما بين ـ مفعول تذكرت(٣) ومجر بدل منه، والمعني أنهم كانوا نزولا بين هذين الموضعين وكانوا يَجُرُّونَ الرماح عند مُطَارَدَةِ الفرسان ويسابقون على الخيل، فالشاعر الثاني أراد بالعذيب تصغير الْعَذْبِ يعنى شفة الحبيبة، وببارق ثغرها الشبيه بالبرق، وبما بينهما ريقها، وهذا تورية، وَشَبَّهَ تَبَخْتُرَ قَدِّهَا بِتَمَايُلِ الرمح، وَتَتَابُعَ دموعه بجريان الخيل

__________________

(١) وهو من قوله:

ما في وقوفك ساعةً من بَاسِ

تقضى حقوقَ الْأَرْبُعِ الْأَدْرَاسِ

(٢) البيتان لزكى الدين عبدالعظيم بن عبدالواحد المعروف بابن أبي الاصبع من شعراء الدولة العباسية.

(٣) وما على هذا موصولة، أما على الأول فزائدة.

۵۲۰۱