كما في تَشْبِيهِ ثَوْب بِآخَرَفي السَّوَادِ، أَوْ مِقْدَارِها، كما في تَشْبِيهِهِ بِالْغُرَابِ فِي شِدَّتِهِ، أَوْ تَقْرِيرُها، كما في تَشْبِيهِ مَنْ لاَ يَحْصُلُ مِنْ سَعْيهِ عَلَى طائِل بِمَنْ يَرْقُمُ عَلَى الْمَاءِ، وَهذِهِ الْأَرْبَعَةُ تَقْتَضِى أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الشَّبَهِ في المُشَبَّهِ بِهِ أَتمَّ وَهُوَ بِهِ أَشْهَرَ، أَوْ تَزْيِينُهُ، كما في تَشْبِيهِ وَجْه أَسْوَدَ


على ـ إمكانه ـ أي بيان حال المشبه بأنه على أيِّ وصف من الأوصاف [كما في تشبيه ثوب بآخر في السواد] إذا علم السامع لون المشبه به [أو مقدارها] أي بيان مقدار حال المشبه في القوة والضعف والزيادة والنقصان [كما في تشبيهه] أي تشبيه الثوب الأسود [بالغراب في شدته] أي في شدة السواد [أو تقريرها] مرفوعٌ عَطْفاً على ـ بيان إمكانه ـ أي تقرير حال المشبه في نفس السامع وتقوية شأنه [كما في تشبيه من لايحصل من سعيه على طائل بمن يرقم على الماء] فإنك تجد فيه من تقرير عدم الفائدة وتقوية شأنه ما لا تجده في غيره، لأن الْفِكْرَ(١) بِالْحِسِّيَّاتِ أتم منه بالعقليات، لِتَقَدُّمِ الحسيات وفَرْطِ إلْفِ النفس بها [وهذه] أي الأغراض [الأربعة تقتضى أن يكون وجه الشبه في المشبه به أتم وهو به أشهر] أي وأن يكون المشبه به بوجه الشبه أشهر وأعرف، وظاهر هذه العبارة أن كلا من الأربعة يقتضى الْأَتَمِّيَّةَ وَالْأَشْهَرِيَّةَ، لكن التحقيق أن بيان الامكان وبيان الحال لا يقتضيان إلا الأشهرية، ليصح القياس ويتم الاحتجاج في الأول، ويعلم الحال في الثاني، وكذا بيان المقدار لا يقتضى الأتمية بل يقتضى أن يكون المشبه به على حد مقدار المشبه لا أزْيَدَ ولا أنْقَصَ، ليتعين مقدار المشبه على ما هو عليه، وأما تقرير الحال فيقتضى الأمرين جميعا، لأن النفس إلى الأتم والأشهر أمْيَلُ، فالتشبيه به بزيادة التقرير والتقوية أجْدَرُ [أو تزيينه] مرفوعٌ عَطْفاً على بيان إمكانه، أي تزيين المشبه في عين السامع [كما في تشبيه وجه أسود

__________________

(١) هو في الأصل بمعنى التأمل، والمراد به هنا الجزم.

۵۲۰۱