وَالتَّجْرِيدِ، فَدَخَلَ نَحْوُ ـ زَيْدٌ أَسَدٌ ـ وَقَوْلُهُ تَعَالى ـ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ـ وَالنَّظَرُ ههُنَا فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ: طَرَفَاهُ وَوَجْهُهُ وَأَدَاتُهُ، وَفِي الْغَرَضِ مِنْهُ


أظفارها [و] لا على وجه [التجريد] الذي يذكر في علم البديع من نحو ـ لقيت بزيد أسدا، أو لقينى منه أسد ـ فإن في هذه الثلاثة دلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى، مع أن شيئا منها لا يسمى تشبيها اصطلاحا، وإنما قيد الاستعارة بالتحقيقية والكناية لأن الاستعارة التخييلية كاثبات الأظفار للمنية في المثال المذكور ليس في شيء من الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى على رأي المصنف، إذ المراد بالأظفار ههنا معناها الحقيقي على ما سيجىء، فالتشبيه الاصطلاحي هو الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى لا على وجه الاستعارة التحقيقية والاستعارة بالكناية والتجريد [فدخل فيه نحو قولنا ـ زيد أسد] بحذف أداة التشبيه [و] نحو [قوله تعالى ـ صم بكم عمى] بحذف الأداة والْمُشبَّهِ جميعا، أي هم كَصُمٍّ، فإن المحققين على أنه تشبيه بليغ لا استعارة، لأن الاستعارة إنما تطلق حيث يُطْوَى ذِكْرُ المستعار له(١) بِالْكُلِّيَّةِ(٢) ويجعل الكلام خِلْواً عنه صالحا لأن يراد به المنقول عنه والمنقول إليه(٣) لولا دلالة الحال أو فَحْوَى الكلام(٤).

[والنظر ههنا في أركانه] أي البحث في هذا المقصد عن أركان التشبيه المصطلح عليه [وهي] أربعة [طرفاه] أي المشبه والمشبه به [ووجهه وأداته، وفي الغرض منه

__________________

(١) وهو الْمُشَبَّهُ، وهذا في الاستعارة التصريحية، أما المكنية فالذى يطوى فيها هو المستعار منه، وهو الْمُشَبَّهُ به.

(٢) أي من اللفظ والتقدير، ولا شك أن المشبه في المثال الأول ملفوظ وفي الآية ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌمقدر، لأنه مبتدأ محذوف.

(٣) المنقول عنه هو المشبه به، والمنقول إليه هو المشبه.

(٤) المراد بدلالة الحال القرينة الحالية، وبفحوى الكلام القرينة الْمَقَالِيَّةُ.

۵۲۰۱