نَحْوِ ـ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ـ فَإنّ اشْرَحْ لِي يُفِيدُ طَلَبَ شَرْح لِشَيْء مالَهُ وَصَدْرِي يُفِيدُ تَفسِيرَهُ، وَمِنْهُ بَابُ نِعْمَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَينِ ـ إذ لَوْ أُرِيد الاخْتِصارُ لَكَفى ـ نِعْمَ زَيْدٌ ـ وَوَجْهُ حُسنِهِ سِوَى ما ذُكِرَ إبْرَازُ الْكَلاَمِ فِي مَعْرِضِ الاعْتِدَال وَإيهَامُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَنافِيَيْنِ ـ وَمِنْهُ


[نحو ـ رب اشرح لي صدري(١) فإن اشرح لي يفيد طلب شرح لشيء ماله] أي للطالب [وصدري يفيد تفسيره] أي تفسير ذلك الشيء [ومنه] أي ومن الإيضاح بعد الابهام [باب نعم ـ على أحد القولين] أي قول من يجعل المخصوص خبر مبتدإ محذوف(٢)[ إذ لو أريد الاختصار] أي تَرْكُ الإطناب [كفى ـ نعم زيد] وفي هذا إشعار بأن الاختصار قد يطلق علي ما يشمل المساواة أيضا(٣) [ووجه حسنه] أي حسن باب نعم [سوى ما ذكر] من الإيضاح بعد الإبهام [إبراز الكلام في معرض الاعتدال] من جهة الإطناب بالإيضاح بعد الإبهام، والإيجاز بحذف المبتدإ [وإيهام الجمع بين المتنافيين] أي الإيجاز والإطناب، وقيل الإجمال والتفصيل، ولا شك أن إيهام الجمع بين المتنافيين من الأمور المستغربة التي تستلذها النفس، وإنما قال ـ إيهام الجمع ـ لأن حقيقة جمع المتنافيين أن يصدق على ذات واحدة وصفان يمتنع اجتماعهما على شيء واحد في زمان واحد من جهة واحدة، وهو محال(٤) [ومنه] أي من الإيضاح بعد الإبهام

__________________

(١) لا يخفى أن الخطاب في هذا لله تعالي، فلا يتأتى فيه زيادة العلم وما بعده، وإنما يقصد هنا لازم ذلك وهو زيادة الاهتمام المفيد كمال الرغبة في الاجابة.

(٢) وكذلك على قول من يجعله مبتدءا محذوف الخبر، بخلاف قول من يجعله مبتدءا قدم عليه خبره، لأن الكلام يكون حينئذ جملة واحدة.

(٣) لأن قولنا ـ نعم زيد ـ مساواة لا إيجاز.

(٤) وليس كذلك ما هنا، لأن الإيجاز من جهة حذف المبتدإ، والإطناب من جهة ذكر الخبر بعد ذكر ما يعمه، فاختلفت الجهتان.

۵۲۰۱