وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى ـ وَإذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إسْرَائِيلَ لاَ تعْبُدُونَ إلاَّ اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتَامى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُو لِلنَّاسِ حُسْناً ـ أَيْ لا تَعْبُدُوا وَتُحْسِنُونَ بِمَعْنى أَحْسِنُوا، أَوْ وَأَحْسِنُوا.

وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ باِعْتِبارِ الْمُسْنَدِ إلَيْهِمَا وَالْمُسْنَدَينَ جَمِيعاً،


قسمين(١) من أقسامه الستة، وأعاد فيه لفظة الكاف تنبيها على أنه مثال للاتفاق معنى فقط، فقال [وكقوله تعالى ـ وإذا أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا] فعطف ـ قولوا على ـ لا تعبدون ـ مع اختلافهما لفظا كونهما إنشائيتين معني لأن قوله ـ لا تعبدون ـ إخْبَارٌ في معني الإنشاء [أي لا تعبدوا] وقَوْلُهُ ـ وبالوالدين إحسانا ـ لابد له من فعل، فأما أن يقدر خبرا في معنى الطلب، أي [وتحسنون بمعنى أحسنوا] فتكون الجملتان خبرا لفظا إنشاء معني، وفائدة تقدير الخبر ثم جَعْلِهِ بمعني الانشاء أمَّا لفظا فالْمُلاءَمَةُ مع قوله ـ لا تعبدون ـ وأما معني فالمبالغة، باعتبار أن المخاطب كأنه سَارَعَ إلى الامتثال فهو يخبر عنه، كما تقول ـ تذهب إلى فلان تقول له كذا ـ تريد الأمر أي أذهب إلى فلان فقل له كذا، وهو أبلغ من الصريح [أو] يقدر من أول الأمر صريح الطلب على ما هو الظاهر، أي [وأحسنوا] بالوالدين إحسانا، فتكونان إنشائيتين معني، مع أن لفظة الأولى إخبار، ولفظة الثانية إنشاء.

[والجامع بينهما] أي بين الجملتين [يجب أن يكون باعتبار المسند إليهما والمسندين جميعا] أي باعتبار المسند إليه في الجملة الأولى والمسند إليه في الجملة الثانية،

__________________

(١) وهما أن تكون الجملتان خبريتين لفظا إنشائيتين معني، أو تكونا إنشائيتين معني، والأولى خبرية لفظا، والثانية إنشائية كذلك.

۵۲۰۱