أوجه، أوجهها السماع فيما يعسر الاطّلاع عليه ـ كالقتل والسرقة ـ دون المعاملات، وإن لم يتوجّه على المدّعي هنا الحلف بردٍّ ولا نكولٍ ولا مع شاهد، بل إن حلف المنكر أو أقرّ أو نكل وقضينا به، وإلّا وقفت الدعوى.
إذا تقرّر ذلك فإذا ادّعى دعوى مسموعة طُولب المدّعى عليه بالجواب.
﴿ وجواب المدّعى عليه إمّا إقرار ﴾ بالحقّ المدّعى به أجمع. ﴿ أو إنكار ﴾ له أجمع، أو مركّب منهما، فيلزمه حكمهما ﴿ أو سكوت ﴾ وجعلُ السكوت جواباً مجازٌ شائع في الاستعمال، فكثيراً ما يقال: ترك الجواب جواب المقال.
﴿ فالإقرار يمضي ﴾ على المقرّ ﴿ مع الكمال ﴾ أي كمال المقرّ على وجه يُسمع إقراره، بالبلوغ والعقل مطلقاً، ورفع الحَجر فيما يمتنع نفوذه به، وسيأتي تفصيله.
فإن التمس المدّعي حينئذٍ الحكمَ حكم عليه فيقول: ألزمتك ذلك، أو قضيت عليك به.
﴿ ولو التمس ﴾ المدّعي من الحاكم ﴿ كتابة إقراره كتب وأشهد مع معرفته (١) أو شهادة عدلين بمعرفته، أو اقتناعه بحِليته (٢) ﴾ لا بمجرّد إقراره وإن صادقه المدّعي، حذراً من تواطئهما على نسب لغيرهما، ليلزما ذا النسب بما لا يستحقّ عليه.
﴿ فإن ادّعى الإعسار ﴾ وهو عجزه عن أداء الحقّ، لعدم ملكه لما زاد عن داره وثيابه اللائقة بحاله ودابّته وخادمه كذلك وقوت يومٍ وليلةٍ له ولعياله الواجبي النفقة ﴿ وثبت صدقه ﴾ فيه ﴿ ببيّنةٍ مطّلعةٍ على باطن أمره ﴾ مراقبةٍ له في خلواته واجدةٍ، صبّره على ما لا يصبر عليه واجدُ المال عادةً حتى ظهر لها
__________________
(١) معرفة الحاكم للمدّعى عليه.
(٢) حِلية الإنسان: ما يرى من لونه وظاهره وهيئته.