﴿ وأمّا الإنكار: فإن كان الحاكم عالماً بالحقّ ﴿ قضى بعلمه مطلقاً (١) على أصحّ القولين (٢) ولا فرق بين علمه به في حال ولايته ومكانها وغيرهما، وليس له حينئذٍ طلب البيّنة من المدّعي مع فقدها قطعاً، ولا مع وجودها على الأقوى وإن قصد دفع التهمة، إلّامع رضاء المدّعي. والمراد بعلمه هنا العلم الخاصّ وهو الاطّلاع الجازم، لا بمثل وجود خطّه به إذا لم يذكر الواقعة وإن أمن التزوير.

نعم، لو شهد عنده عدلان بحكمه به ولم يتذكّر فالأقوى جواز القضاء، كما لو شهدا بذلك عند غيره. ووجه المنع إمكان رجوعه إلى العلم؛ لأنّه فعله، بخلاف شهادتهما عند الحاكم على حكم غيره، فإنّه يكفي الظنّ، تنزيلاً لكلّ بابٍ على الممكن فيه، ولو شهدا عليه بشهادته به، لا بحكمه فالظاهر أنّه كذلك.

﴿ وإلّا يعلم الحاكم بالحقّ ﴿ طلب البيّنة من المدّعي إن لم يكن عالماً بأ نّه موضع المطالبة بها، وإلّا جاز للحاكم السكوت ﴿ فإن قال: لا بيّنة لي عرّفه أنّ له إحلافه، فإن طلبه أي طلب إحلافه ﴿ حلّفه * الحاكم .

﴿ ولا يتبرّع الحاكم ﴿ بإحلافه لأنّه حقّ للمدّعي فلا يستوفى بدون مطالبته وإن كان إيقاعه إلى الحاكم، فلو تبرّع المنكر به أو استحلفه الحاكم من دون التماس المدّعي لغا.

﴿ و كذا ﴿ لا يستقلّ به الغريم من دون إذن الحاكم لما قلناه: من أنّ إيقاعه موقوف على إذنه وإن كان حقّاً لغيره؛ لأنّه وظيفته.

__________________

(١) سواء كان من حقوق اللّٰه تعالى أم من حقوق الآدميّين، وسواء كان الحاكم معصوماً أم غيره.

(٢) اختاره المحقّق في الشرائع ٤:٧٥ وقال في المسالك ١٣:٣٨٣: وقيل: لا يجوز مطلقاً، وقال ابن إدريس: يجوز في حقوق الناس دون حقوق اللّٰه، وعكس ابن الجنيد في كتابه الأحمدي.

(*) في (ق) و (س) : أحلفه.

۵۲۲۱