﴿ كتاب الوديعة ﴾
﴿ وهي استنابة في الحفظ ﴾ أي استنابة فيه بالذات، فلا يرد مثل الوكالة في بيع شيء أو شرائه مع إثبات اليد عليه، فإنّها تستلزم الاستنابة فيه إلّا أنّها بالعرض، والقصد بالذات الإذن فيما وكّل فيه.
ثمّ الاستنابة إنّما تكون من المودِع. والوديعة لا تتمّ إلّا بالمتعاقدين، فلا تكون الوديعة هي الاستنابة، بل هي وقبولها وإن اكتفينا بالقبول الفعلي.
وكأنّ التعريف لمّا كان لعقدها ـ كما علم من مذهب المصنّف (١) ـ وكان المعتبر منه الإيجاب تسامَحَ في إطلاقها عليه، أو لأنّ الاستنابة تستلزم قبولها، فإنّها لو تجرّدت عنه لم تؤثّر.
﴿ وتفتقر إلى إيجاب وقبول ﴾ كغيرها من العقود ﴿ ولا حصر في الألفاظ الدالّة عليها ﴾ كما هو شأن العقود الجائزة من الطرفين، فيكفي كلّ لفظ دلّ عليها، بل التلويح والإشارة المفهمة لمعناها اختياراً.
﴿ ويكفي في القبول الفعل ﴾ لأنّ الغرض منه الرضا بها، وربما كان الفعل ـ وهو قبضها ـ أقوى من القول باعتبار دخولها في ضمانه، والتزامُه بحفظها
__________________
(١) مضى في باب البيع أنّه يريد بهذه الألفاظ نفس العقود.