الاُصول، وكذا معرفة ما يحتجّ به من القياس. بل يشتمل كثير من مختصرات اُصول الفقه ـ كالتهذيب (١) ومختصر الاُصول لابن الحاجب ـ على ما يحتاج إليه من شرائط الدليل المدوّن في علم الميزان. وكثيرٌ من كتب النحو على ما يحتاج إليه من التصريف.
نعم يشترط مع ذلك كلّه أن يكون له قوّة يتمكّن بها من ردّ الفروع إلى اُصولها واستنباطها منها. وهذه هي العمدة في هذا الباب، وإلّا فتحصيل تلك المقدّمات قد صارت في زماننا سهلة (٢) لكثرة ما حقّقه العلماء والفقهاء فيها وفي بيان استعمالها، وإنّما تلك القوّة بيد اللّٰه تعالى يؤتيها من يشاء من عباده على وفق حكمته ومراده، ولكثرة المجاهدة والممارسة لأهلها مدخل عظيم في تحصيلها ﴿ وَاَلَّذِينَ جٰاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنٰا وَإِنَّ اَللّٰهَ لَمَعَ اَلْمُحْسِنِينَ ﴾ (٣).
وإذا تحقّق المفتي بهذا الوصف وجب على الناس الترافع إليه وقبول قوله والتزام حكمه؛ لأنّه منصوب من الإمام عليهالسلام على العموم بقوله: «انظروا إلى رجل منكم قد روى حديثنا وعرف أحكامنا فاجعلوه قاضياً، فإنّي قد جعلته قاضياً، فتحاكموا إليه» (٤).
وفي بعض الأخبار: «فارضوا به حكماً، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً،
__________________
(١) للعلّامة قدسسره.
(٢) كذا، والمناسب: صار ... سهلاً.
(٣) العنكبوت:٦٩.
(٤) راجع الكافي ٧:٤١٢، باب كراهيّة الارتفاع إلى قضاة الجور، الحديث ٤ و ٥. والوسائل ١٨:٤، الباب الأوّل من أبواب صفات القاضي، الحديث ٥. و ٩٩، الباب ١١ منها، الحديث الأوّل.