المتناول وكالتُه مثلَ ذلك، مخيّر (١) فيهما ﴿ فإن تعذّر ﴾ المالك أو وكيله ﴿ فالحاكم ﴾ الشرعيّ ﴿ عند الضرورة إلى ردّها ﴾ لا بدونه؛ لأنّ الحاكم لا ولاية له على من له وكيل، والودعيّ بمنزلته. وإنّما جاز الدفع إليه عند الضرورة، دفعاً للحرج والإضرار، وتنزيلاً له حينئذٍ منزلةَ من لا وكيل له.
وتتحقّق الضرورة بالعجز عن الحفظ، وعروض خوفٍ يفتقر معه إلى التستّر المنافي لرعايتها، أو الخوف على أخذ المتغلّب لها تبعاً لماله أو استقلالاً، أو الخوف عليها من السرق أو الحرق أو النهب، ونحو ذلك. فإن تعذّر الحاكم حينئذٍ أودعها الثقة. ولو دفعها إلى الحاكم مع القدرة على المالك ضمن، كما يضمن لو دفعها إلى الثقة مع القدرة على الحاكم أو المالك.
﴿ ولو أنكر الوديعة حلف ﴾ لأصالة البراءة ﴿ ولو أقام ﴾ المالك ﴿ بها بيّنة قبلَ حلفِه ضمن ﴾ لأنّه متعدٍّ بجحوده لها ﴿ إلّا أن يكون جوابه: «لا تستحقّ عندي شيئاً» وشبهه ﴾ كقوله: «ليس لك عندي وديعة يلزمني ردّها ولا عوضها» فلا يضمن بالإنكار، بل يكون كمدّعي التلف يُقبل قوله بيمينه أيضاً؛ لإمكان تلفها بغير تفريط، فلا تكون مستحقّة عنده، ولا يناقض قولُه البيّنةَ. ولو أظهر لإنكاره الأوّل تأويلاً، كقوله: «ليس لك عندي وديعة يلزمني ردُّها، أو ضمانُها» ونحو ذلك، فالأقوى القبول أيضاً، واختاره المصنّف رحمهالله في بعض تحقيقاته (٢).
﴿ والقول قول الودعيّ في القيمة لو فرّط ﴾ لأصالة عدم الزيادة
__________________
(١) في (ر) : مخيّراً.
(٢) لم نعثر عليه.