ثم يرتّب عليه ما يلزمه ﴿ أو يرغّبه في الإقامة ﴾ إذا وجده متردّداً ﴿ أو يُزهّده لو توقّف. ولا يقف (١) عزم الغريم عن الإقرار إلّا في حقّه تعالى ﴾ فيستحبّ أن يعرِّض المقرّ بحدٍّ للّٰهتعالى بالكفّ عنه والتأويل ﴿ لقضيّة ماعز بن مالك عند النبيّ صلّى اللّٰه عليه وآله ﴾ حين أقرّ عنده بالزنا في أربعة مواضع، والنبيّ صلىاللهعليهوآله يردّده ويوقف عزمه تعريضاً لرجوعه، ويقول له: «لعلّك قبّلت، أو غمزت، أو نظرت» قال: لا، قال: «أفنِكتها لا تُكني؟» قال: نعم، قال: «حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟» قال: نعم، قال: «كما يغيب المِروَد (٢) في المُكحُلة والرِشا (٣) في البئر«قال: نعم، قال:»هل تدري ما الزنا؟» قال: نعم أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من امرأته حلالاً، فعند ذلك أمر برجمه (٤).
وكما يستحبّ تعريضه للإنكار، يكره لمن علمه منه غير الحاكم حثّه على الإقرار؛ لإنّ هزّالاً قال لماعز: بادر إلى رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله قبل أن ينزل فيك قرآن، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا علم به: «ألا (٥) سترته بثوبك كان خيراً لك» (٦).
واعلم أنّ المصنّف رحمهالله ذكر أوّلاً: أنّ جواب المدّعى عليه إمّا إقرار، أو إنكار، أو سكوت (٧) ولم يذكر القسم الثالث، ولعلّه أدرجه في قسم الإنكار على
__________________
(١) يُستعمل لازماً ومتعدّياً.
(٢) الميل يُكتحل به.
(٣) الحبل عموماً، أو خصوص حبل الدلو.
(٤) راجع عوالي اللآلئ ٣:٥٥١، الحديث ٢٤، والسنن الكبرى للبيهقي ٨:٢٢٦ ـ ٢٢٧.
(٥) قال بعض المحشّين: بكسر الهمزة وتشديد اللام على أن تكون مركّبة من «إن» الشرطيّة و «لا» الزائدة.
(٦) السنن الكبرى للبيهقي ٨:٣٣١، وفيها: «لو كنت سترته بثوبك كان خيراً لك».
(٧) راجع الصفحة ٨٤.