﴿ مقدوراً للناذر ﴾ بمعنى صلاحيّة تعلّق قدرته به عادةً في الوقت المضروب له فعلاً أو قوّة، فإن كان وقته معيّناً اعتبرت فيه، وإن كان مطلقاً فالعمر.
واعتبرنا ذلك مع كون المتبادر القدرة الفعليّة؛ لأنّها غير مرادة لهم، كما صرّحوا به كثيراً، لحكمهم بأنّ من نذر الحجّ وهو عاجز عنه بالفعل لكنّه يرجو القدرة ينعقد نذره ويتوقّعها في الوقت، فإن خرج وهو عاجز بطل، وكذا لو نذر الصدقة بمال وهو فقير، أو نذرت الحائض الصوم مطلقاً أو في وقتٍ يمكن فعله فيه بعد الطهارة، وغير ذلك. وإنّما أخرجوا بالقيدِ الممتنعَ عادةً، كنذر الصعود إلى السماء، أو عقلاً، كالكون في غير حيّز والجمع بين الضدّين، أو شرعاً، كالاعتكاف جنباً مع القدرة على الغسل. وهذا القسم يمكن دخوله في كونه طاعة أو مباحاً فيخرج به أو بهما.
﴿ والأقرب احتياجه إلى اللفظ ﴾ فلا يكفي النيّة في انعقاده وإن استحبّ الوفاء به؛ لأنّه من قبيل الأسباب، والأصل فيها اللفظ الكاشف عمّا في الضمير، ولأ نّه في الأصل وعدٌ بشرطٍ أو بدونه، والوعد لفظيٌّ، والأصل عدم النقل.
وذهب جماعة (١) ـ منهم الشيخان (٢) ـ إلى عدم اشتراطه؛ للأصل وعموم الأدلّة ولقوله صلىاللهعليهوآله: «إنّما الأعمال بالنيّات» و «إنمّا لكلّ امرى ٍ ما نوى» (٣) و «إنّما» للحصر، والباء سببيّة، فدلّ على حصر السببيّة فيها. واللفظ إنّما اعتبر في العقود ليكون دالّاً على الإعلام بما في الضمير، والعقد هنا مع اللّٰه العالم
__________________
(١) كالقاضي في المهذّب ٢:٤٠٩، والكيدري في إصباح الشيعة:٤٨٣، وابن حمزة في الوسيلة:٣٥٠.
(٢) المقنعة:٥٦٢، النهاية:٥٦٢.
(٣) الوسائل ١:٣٤ ـ ٣٥، الباب ٥ من أبواب مقدّمة العبادات، الحديث ٧ و ١٠.