لأنّه فيها مدّعٍ، كما أنّ الراكب بالنسبة إلى العارية مدّعٍ، بل يحلف على نفي العارية و (يثبت له اُجرة المثل ﴾ لثبوت أنّ الراكب تصرّف في ملك غيره بغير تبرّع منه ﴿ إلّا أن تزيد ﴾ اُجرة المثل ﴿ على ما ادّعاه ﴾ المالك ﴿ من المسمّى ﴾ فيثبت المسمّى؛ لاعترافه بعدم استحقاقه سواه.
ويشكل بأنّ المالك يدّعي الزائد من الاُجرة على تقدير زيادة ما يدّعيه عن اُجرة المثل، والراكب ينفيه، فلا بدّ من وجهٍ شرعيّ يقتضي نفيَه، وحلفه على نفي الإعارة لم يدلّ على نفي الإجارة كما لم يدلّ على إثباتها، وإثبات أقلّ الأمرين باليمين مسلّم، لكن يبقى النزاع في الزائد على تقديره، لا يندفع إلّا بحلف الراكب على نفي الإجارة أو نكوله، فيحلف المالك عليها ويأخذ الزيادة.
فالأقوى حينئذٍ أنّهما يتحالفان؛ لأنّ كلّاً منهما مدّعٍ ومدّعى عليه، فيحلف المالك على نفي الإعارة والراكب على نفي الإجارة، ويثبت أقلّ الأمرين؛ لانتفاء الزائد من المسمّى بيمين المستعير والزائد من اُجرة المثل باعتراف المالك. وهذا هو الذي اختاره المصنّف في بعض تحقيقاته (١).
هذا إذا وقع الاختلاف بعد انقضاء مدّة لها اُجرة عادةً، أو ما يدّعى كونها مدّةَ الإجارة، أمّا قبله فالقول قول الراكب في نفي الإجارة، وتُستردّ العين.
__________________
(١) الظاهر أنّه اختاره في حواشيه على القواعد حسب ما نقل عنه في مفتاح الكرامة ٦:٨٣، وفي مبحث المزارعة من غاية المراد ٢:٣٣٢ ما يؤيّد المنقول المختار.