بواسطة القبض وإن لم يحصل الإيجاب فيه أولى، إلّا أنّ فيه خروجاً عن باب العقود التي لا تتمّ إلّا بصيغة من الطرفين. ومن ثَمَّ قيل: إنّها إذن مجرّد لا عقد (١) وكيف كان: لا تجب مقارنة القبول للإيجاب قوليّاً كان أم فعليّاً.
﴿ ولو طرحها عنده ﴾ ولم يحصل منه ما يدلّ على الرضا ولا قبضها ﴿ أو أكرهه على قبضها لم تصر وديعة ﴾ لانتفاء القبول الشرعي فيهما.
وأمّا الإيجاب فقد يحصل بالطرح بأن يضمّ إليه قولاً أو ما في حكمه يفيده، وقد لا يحصل بأن يقتصر على مجرّد الطرح. وفي الثاني لا تصير وديعة وإن قبل قولاً أو فعلاً، لكن في الثاني يجب عليه الحفظ لليد، لا للوديعة. وفي الأوّل تتمّ بالقبول بهما (٢) فيجب عليه الحفظ.
وحيث لا يجب لعدم القبول قد يجب لأمر آخر، كما لو غاب المالك وتركها وخيف عليها الذهاب، فيجب من باب المعاونة على البرّ كفايةً، لكن لا ضمان بتركه.
وأمّا مع الإكراه ﴿ فلا يجب حفظها ﴾ مطلقاً، بل يجوز تركها وإن قبضها به في حضور المالك وغيبته، إلّا أن يكون المكرِه مضطرّاً إلى الإيداع، فيجب إعانته عليه كالسابق.
فقوله: «فلا يجب حفظها» مطلق في الثاني من حيث الوديعة، ومع عدم القبول أو القبض في الأوّل على ما فُصّل.
﴿ ولو قبل ﴾ الوديعة قولاً أو فعلاً ﴿ وجب ﴾ عليه ﴿ الحفظ ﴾ ما دام مستودعاً، وكذا بعده إلى أن يؤدّي إلى المالك أو من في حكمه. وبذلك يظهر
__________________
(١) لم نعثر عليه.
(٢) أي بأحدهما من القول أو الفعل.