تسليم الإباحة لم يحصل ما يوجب الملك، فيكون القول بجواز الرجوع به مطلقاً قويّاً وإن كان نادراً، إن لم يثبت الإجماع على خلافه، والواقع خلافه، فقد ذهب المحقّق إلى الرجوع به مطلقاً (١) وكيف يجتمع تحريم تصرّف البائع فيه مع عدم رجوع المشتري به في حال؟ فإنّه حينئذٍ لا محالة غاصب، آكل للمال بالباطل. ولا فرق في هذا الحكم بين الغاصب محضاً والبائع فضوليّاً مع عدم إجازة المالك.
﴿ ويرجع ﴾ المشتري على البائع ﴿ بما اغترم ﴾ للمالك حتى بزيادة القيمة عن الثمن لو تلفت العين فرجع بها عليه على الأقوى؛ لدخوله على أن تكون له مجّاناً. أمّا ما قابل الثمن من القيمة فلا يرجع به؛ لرجوع عوضه إليه، فلا يجمع بين العوض والمعوّض.
وقيل: لا يرجع بالقيمة مطلقاً (٢) لدخوله على أن تكون العين مضمونة عليه، كما هو شأن البيع الصحيح والفاسد، كما لو تلفت العين.
وفيه: أنّ ضمانه للمثل أو القيمة أمر زائد على فوات العين الذي قدم على ضمانه وهو مغرور من البائع بكون المجموع له بالثمن، فالزائد بمنزلة ما رجع عليه به، وقد حصل له في مقابلته نفع، بل أولى.
هذا إذا كانت الزيادة على الثمن موجودة حال البيع. أمّا لو تجدّدت بعده
__________________
(١) لم نعثر عليه فيما بأيدينا من كتبه ونسبه في جامع المقاصد ٤:٧٧ إلى رسالة منه، وفي المسالك ٣:١٦١ قال: وهو الذي اختاره المصنف رحمهالله في بعض تحقيقاته، وقال السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٤:١٩٤: كذا نقل عنه المحقّق الثاني فكان كلامه ليس بتلك المكانة من الظهور أو الصراحة، وأمّا العبارة المستظهر منها فالظاهر هي المسألة الرابعة من المسائل الطبرية المطبوعة ضمن الرسائل التسع للمحقق:٣٠٦.
(٢) قاله المحقّق في الشرائع ٣:٢٤٥.