الحوالة (١) لوجوب موافقة الحقّ المحال به للمحال عليه من غير زيادة ولا نقصان قدراً ووصفاً.
وهذا التعليل إنّما يتوجّه على مذهب من يجعل الضمان ضمّ ذمّة إلى ذمّة (٢) فيتخيّر حينئذٍ في مطالبة كلّ منهما بمجموع الحقّ. أمّا على مذهب أصحابنا من أنّه ناقل للمال من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه فلا ارتفاق، بل غايته انتقال ما على كلّ منهما إلى ذمّة صاحبه، فيبقى الأمر كما كان. ومع تسليمه لا يصلح للمانعيّة؛ لأنّ مطلق الارتفاق بها غير مانع إجماعاً، كما لو أحاله على أملى منه وأحسن وفاءً.
﴿ ولو أدّى المحال عليه فطلب * الرجوع ﴾ بما أدّاه على المحيل ﴿ لإنكاره الدين ﴾ وزعمه أنّ الحوالة على البريء بناءً على جواز الحوالة عليه ﴿ وادّعاه المحيل، تعارض الأصل ﴾ وهو براءة ذمّة المحال عليه من دين المحيل ﴿ والظاهر ﴾ وهو كونه مشغول الذمّة؛ إذ الظاهر أنّه لولا اشتغال ذمّته لما اُحيل عليه ﴿ والأوّل ﴾ وهو الأصل ﴿ أرجح ﴾ من الثاني حيث يتعارضان غالباً، وإنّما يتخلّف في مواضع نادرة ﴿ فيحلف ﴾ المحال عليه على أنّه بريء من دين المحيل ﴿ ويرجع ﴾ عليه بما غرم ﴿ سواء كان ﴾ العقد الواقع بينهما ﴿ بلفظ الحوالة أو الضمان ﴾ لأنّ الحوالة على البريء أشبه بالضمان، فتصحّ بلفظه، وأيضاً فهو يطلق على ما يشملهما (٣) بالمعنى الأعمّ، فيصحّ التعبير به عنها.
__________________
(١) المبسوط ٢:٣١٨.
(٢) وهو مذهب أكثرالعامة كما في المسالك ٤:١٧١، وانظر المغني لابن قدامة ٤:٥٩٠، والمجموع ١٣:١٣٩.
(*) في (ق) و (س) : وطلب.
(٣) في (ف) يشملها.