وفيه نظر (١) ﴿ ولا الدين ﴾ بناءً على ما اختاره من اشتراط القبض؛ لأنّ الدين أمر كلّي لا وجود له في الخارج يمكن قبضه، وما يقبض بعد ذلك ليس نفسه وإن وجد في ضمنه. ويحتمل جوازه على هذا القول، ويكتفى بقبض ما يعيّنه المديون، لصدق قبض الدين عليه عرفاً، كهبة ما في الذمّة.
وعلى القول بعدم اشتراط القبض لا مانع من صحّة رهنه، وقد صرّح العلّامة في التذكرة ببناء الحكم على القول باشتراط القبض وعدمه، فقال: لا يصحّ رهن الدين إن شرطنا في الرهن القبض؛ لأنّه لا يمكن قبضه (٢) لكنّه في القواعد جمع بين الحكم بعدم اشتراط القبض، وعدم جواز رهن الدين (٣) فتعجّب منه المصنّف في الدروس (٤) وتعجبّه في موضعه. والاعتذار له عن ذلك بعدم المنافاة بين عدم اشتراطه واعتبار كونه ممّا يقبض مثلُه ـ مع تصريحه بالبناء المذكور ـ غير مسموع.
﴿ ورهن المدبّر إبطال لتدبيره على الأقوى ﴾ لأنّه من الصيغ الجائزة، فإذا تعقّبه ما ينافيه أبطله؛ لكونه رجوعاً؛ إذ لا يتمّ المقصود من عقد الرهن (٥)
__________________
(١) وجه النظر: أنّ استيفاء الدين من عين الرهن ليس بشرطٍ، بل منه أو من عوضه ولو ببيعه قبل الاستيفاء، كما لو رهن ما يتسارع إليه الفساد قبله، والمنفعة يمكن فيها ذلك بأن يؤجر العين ويجعل الاُجرة رهناً. وقريبٌ منه القول في القبض؛ لإمكانه بتسليم العين ليستوفي منها المنفعة ويكون عوضها رهناً. إلّا أن يقال: إنّ ذلك خروجٌ عن المتنازع؛ لأنّ رهن الاُجرة جائزٌ، إنّما الكلام في المنفعة نفسها. والفرق بينها وبين ما يتسارع إليه الفساد إمكان رهنه، والمانع عارض بخلاف المنفعة فتأمّل. (منه رحمهالله).
(٢) التذكرة ١٣:١٢٧، المسألة ١١١.
(٣) اُنظر القواعد ٢:١٠٩ و ١١٦.
(٤) الدروس ٣:٣٨٧.
(٥) وهو استيفاء الدين منه.