[٢٨٢٦] الثامنة والثلاثون : إذا كان المشتغل بتحصيل العلم قادراً على الكسب إذا ترك التحصيل ، لا مانع من إعطائه من الزكاة (*) إذا كان ذلك العلم ممّا يستحبّ تحصيله ، وإلّا فمشكل (١).


(١) أمّا بالنسبة إلى غير المستحبّ كالهندسة والحساب والنجوم ونحوها ممّا لم يثبت رجمانها في الشريعة فلا نعرف وجهاً للإشكال ، بل لا بدّ من الجزم بالعدم ، إذ كيف يسوغ له الأخذ وهو قادر على الكسب بالاشتغال بما لم يندب إليه الشرع؟! بل لم يظهر وجه للجواز حتّى احتمالاً كما لا يخفى.

وأمّا العلوم الشرعيّة والمعارف الإلهية فقد تقدّم الكلام حولها مفصّلاً وهنا تكرار محض ، وقلنا : إنّه قد يفرض أنّ الاشتغال بها واجب عيني ، وأُخرى كفائي ، وثالثة مستحبّ شرعي.

لا ينبغي الإشكال في جواز الأخذ في الأوّل ، إذ لوجوب ذلك عيناً يكون مسلوب القدرة على الكسب شرعاً وإن كان قادراً تكويناً ، لفرض عدم إمكان الجمع بين الأمرين ، فلا جرم يكون مصداقاً للفقير الذي تحلّ له الزكاة بعد ملاحظة أنّ الممنوع شرعاً كالممتنع عقلاً ، وهذا ظاهر.

ففي الواجب العيني ولو من أجل عدم وجود من به الكفاية كما لو كان في قرية أو بلدة بعيدة عن المركز العلمي أو في مثل زماننا هذا الذي قلّ فيه المدافعون عن أصل الدين وبيضة الإسلام لم يكن مجال للتشكيك في جواز الأخذ حسبما عرفت.

وأمّا في الواجب الكفائي فضلاً عن المستحبّ الشرعي فلا نعرف وجهاً للجواز بعد ما لم يكن مصداقاً للفقير ، إذ الفقير الشرعي كما مرّ (١) هو من لم

__________________

(*) مرّ التفصيل فيه وفي ما بعده [في المسألة ٢٧٠٦].

(١) في ص ١١.

۵۰۷