فيجزئ ولا شيء عليه وإن كان آثماً بامتناعه وتمرّده عن أداء الواجب.
هذا هو المشهور والمعروف كما ذكره الماتن وغيره ، ولكنّه استشكل فيه في المتن باعتبار أنّ المكلّف بالإخراج إنّما هو المالك نفسه ، وبما أنّ الزكاة عبادة فلا بدّ وأن يكون هو المتصدّي لقصد القربة ، ولم يقصد على الفرض ، ولا ينفعه قصد الحاكم ، إذ لا أثر لقصد الغير في سقوط العبادة المطلوبة منه ، فلا يجزئ عنه وإن ساغ له الأخذ منه كرهاً.
والصحيح ما ذكره المشهور ، فإنّ معنى كون الحاكم وليّ الممتنع أنّ الفعل الذي لا بدّ من صدوره من المالك الممتنع يتصدّى الوليّ لصدوره ويباشره بنفسه ، ويكون فعله كفعله وإخراجه كإخراجه ، كما هو الحال في الوكيل بعينه ، ففعل الولي فعل للمولّى عليه بالجعل الإلهي والولاية الشرعية ، وهذا كما ترى يساوي الإجزاء وبراءة الذمّة بطبيعة الحال ، إذ لو كانت الذمّة باقية على حالها فلما ذا يأخذ الحاكم؟! أفهل ترى أنّه يأخذه مجّاناً من غير أن يكون للفقراء ولا محسوباً على المالك؟ ففرض أنّ الحاكم له الأخذ يستلزم فرض فراغ الذمّة كما في سائر الموارد ، مثل : أخذ الدين من الممتنع فإنّه يتعيّن الكلّي الذي اشتغلت به الذمّة فيما يأخذه الحاكم بمقتضى ولايته وتبرأ الذمّة بذلك ، فكما يتعيّن هناك ويترتّب الفراغ فكذا في المقام ، ولازم البراءة في المقام الالتزام بكفاية قصد القربة من الحاكم تحقيقاً لحصول العبادة.
والحاصل : أنّه إذا ثبتت الولاية في المقام كما هي كذلك بمقتضى قوله تعالى ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾ (١) فمقتضاها أنّ العمل عمل للمولّى عليه ، المستلزم طبعاً لكفاية قصد القربة من الحاكم ، ومعه كيف يمكن أن يقال ببقاء الاشتغال وعدم حصول الإجزاء؟!
__________________
(١) التوبة ٩ : ١٠٣.