البوادي ، وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر» (١).

فقيل : إنّهما تدلّان على النهي عن نقل صدقة البدوي إلى الحضري أو العكس ، وكذا نقل صدقة الأعراب إلى المهاجرين وعكسه.

وممّن فهم منهما ذلك صاحب الوسائل بعد حمل النهي على الكراهة ، حيث عنون للباب بقوله : باب استحباب تفريق الزكاة في بلد المال وكراهة نقلها مع وجود المستحقّ.

ولكن الظاهر أنّهما أجنبيّتان عمّا نحن فيه ولا نظر فيهما إلى النقل ، فإنّ موردهما دفع صدقة أهل البادية إلى الحضري حتّى إذا كان موجوداً في البادية ، وكذلك صدقة الحضري إلى البدوي وإن كان موجوداً في الحضر ، فلا نظر فيهما إلى النقل نفسه بحيث يتناول الحكم نقل صدقة أهل البادية إلى بادية أُخرى مثلها ، أو نقل صدقة الحضري إلى حضري مثله في بلد آخر.

فالمستفاد منهما لزوم دفع صدقة كلّ صنف من البدوي والحضري أو الأعراب والمهاجرين إلى ما يماثله في الصنف لا ما يقابله ، سواء أكان ذلك مقروناً بالنقل أم لا ، فلا ارتباط لذلك بمحلّ الكلام لتتحقّق المعارضة بين الطائفتين.

وحيث لا قائل باعتبار المماثلة المزبورة فلا جرم يكون الحكم محمولاً على التنزيه من الكراهة أو الاستحباب ، كما يفصح عنه ما في ذيل الثانية من قوله عليه‌السلام : «ليس عليه في ذلك شي‌ء مؤقّت موظّف» إلخ (٢).

وممّا يؤكّد ذلك ما كان يفعله النبيّ والوصيّ وغيرهما عليهم‌السلام من بعث العمال لجباية الزكوات ونقلها إليهم ، فإنّه لو كان يجب صرف صدقات أهل البادية فيهم فكيف كانت تؤخذ منهم ويؤتى بها إليهم عليهم‌السلام؟!

__________________

(١) الوسائل ٩ : ٢٨٤ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٣٨ ح ٢.

(٢) الوسائل ٩ : ٢٦٥ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٢٨ ح ١.

۵۰۷