كتاب الحوالة

وهي عندهم تحويل المال من ذمّة إلى ذمّة. والأولى أن يقال : إنها إحالة المديون دائنه إلى غيره ، أو إحالة المديون دينه من ذمّته إلى ذمّة غيره. وعلى هذا فلا ينتقض طرده بالضمان ، فإنه وإن كان تحويلاً من الضامن للدَّين من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّته ، إلّا أنه ليس فيه الإحالة المذكورة (١) خصوصاً إذا لم يكن بسؤال من المضمون عنه.

ويشترط فيها مضافاً إلى البلوغ (*) والعقل والاختيار (٢)


(١) فإنّ الفرق بينهما واضح. فإنّ المعاملة هنا إنما هي بين الدائن والمدين ، حيث إنّ الثاني ينقل ما في ذمّته إلى ذمّة غيره. بخلاف الضمان ، حيث تكون المعاملة بين الدائن والأجنبي ، ويستلزم نقل ما في ذمّة الغير إلى ذمّته.

(٢) وهذه هي الشروط العامة المعتبرة في جميع العقود ، وقد تقدّم بيان أدلّتها في مورده. غير أنّ من غير الخفي أن هذه الشروط إنما تعتبر فيمن يكون طرفاً للعقد خاصّة ، ولا تعتبر في الأجنبي عنه.

ومن هنا فحيث إنّ الحوالة عقد قائم بين المحيل والمحتال الدائن والمدين فقط وأما المحال عليه في فرض اشتغال ذمّته أجنبي عنها بالمرّة ، فلا وجه لاعتبار هذه الشرائط فيه. فإنه لا مانع من الحوالة على الصغير والمجنون ومن لم يرض بها ، إذ لمن يملك المال في ذممهم أن يملكه لغيره وينقله إليه كيفما يشاء ببيع أو صلح أو حوالة أو غيرها ، ومن دون أن يكون لمن عليه الحقّ أيّ اعتراض في ذلك ، فإنه لا يعتبر رضاه به جزماً ، باعتبار كونه أجنبياً عن المعاملة.

__________________

(*) الظاهر عدم اعتبار شي‌ء من ذلك في المحال عليه إلّا إذا كانت الحوالة على البري‌ء ، فإنه يعتبر فيه الأُمور المذكورة غير الفلس.

۵۵۰