وأمّا رضا المضمون عنه فليس معتبراً فيه (١) إذ يصحّ الضمان التبرعي ، فيكون بمنزلة وفاء دين الغير تبرعاً ، حيث لا يعتبر رضاه. وهذا واضح فيما لم يستلزم الوفاء أو الضمان عنه ضرراً عليه (*) أو حرجاً (٢) من حيث كون تبرع هذا الشخص لوفاء دينه منافياً لشأنه ، كما إذا تبرّع وضيع دَيناً عن شريف غنيّ قادر على وفاء دينه فعلاً.

الثالث : كون الضامن بالغاً عاقلاً. فلا يصحّ ضمان الصبي (٣)


(١) فإنّه أجنبي عن المال بالمرّة ، ولا سلطنة له عليه. ومن هنا فكما يجوز للمالك أن يبيع ماله هذا إلى غيره من غير إذنه ، يجوز له أن ينقله إلى ذمة أُخرى بغير رضاه أيضاً.

وبعبارة اخرى : إنّ ذمّة المضمون عنه ليست إلّا ظرفاً ووعاءً للمال هذا ، وإلّا فلا سلطنة له عليه مطلقاً ، وإنما أمره بيد مالكه فله نقله إلى أيّ ذمة شاء.

(٢) وربّما يعلل ذلك كما في بعض الكلمات ، بنفي الضرر في الشريعة المقدّسة ، فإنه مانع عن الحكم بصحة الضمان في المقام.

وفيه ما لا يخفى. إذ لا مهانة ولا ضرر على الشريف في الحكم بسقوط ما في ذمته بوفاء الوضيع لدينه أو ضمانه له ، وإنما هما في تصدي الوضيع لذلك ومباشرته ، ومن هنا فيكون فعله من مصاديق الإضرار بالشريف وإلقائه في المهانة فيكون محرّماً تكليفاً. إلّا أنّ من الواضح أنّ الأحكام التكليفية لا تلازم الأحكام الوضعية ، فثبوت الحرمة في المقام لا يعني عدم نفوذ الضمان أو الإبراء.

والحاصل أنّ الحكم في المقام تكليفيّ محض ، باعتبار أنّ فعل الوضيع من صغريات عنوان الإضرار بالغير وهو محكوم بالحرمة. وحيث إنه غير ملازم للفساد ، فلا وجه لاستثناء هذه الصورة من الحكم بعدم اعتبار رضا المضمون عنه في نفوذ الضمان.

(٣) كما هو الحال في سائر المعاملات ، فإنه لا يجوز أمره حتى يحتلم على ما جاء

__________________

(*) بل ولو استلزم ذلك ، فإنّ التكليف لا يرتبط بالوضع.

۵۵۰