الثاني : البلوغ والعقل والاختيار (١).


ومن هنا فلا بدّ من ملاحظة مقدار دلالة النصوص الخاصة الواردة في المقام على المدعى ، فنقول :

أمّا صحيحة يعقوب بن شعيب فلا إطلاق فيها ليشمل العقد المعاطاتي ، حيث إنّ المفروض فيها إنشاء العقد باللفظ ، فالتعدي عنه إلى الفعل يحتاج إلى الدليل.

نعم ، حيث إنّ اللفظ وهو قوله : (اسق هذا من الماء واعمره ...) وارد في كلام السائل دون الإمام عليه‌السلام ، فمن القريب جدّاً دعوى أنّ المنصرف العرفي من ذكره والمتفاهم منه ، كونه لمحض إنه أسهل طريقة لإبراز ما في نفسه من الاعتبار والمعاهدة مع الطرف الآخر خاصة ، من دون أن يكون فيه أي خصوصية تلزمه ، وإلّا للزم الاقتصار في مقام الإنشاء على هذا اللفظ الوارد خاصة كما هو الحال في الطّلاق بل وعدم كفاية ترجمته أيضاً ، وهو مما لا يقول به أحد.

والحاصل أنّ المتفاهم العرفي من صحيحة يعقوب بن شعيب ، كون ذكر اللّفظ المعين مبرزاً من المبرزات ، من دون أن تكون له خصوصية ملزمة.

ومن هنا تكون هذه الصحيحة مطلقة من هذه الجهة.

ولو تنزلنا عن ذلك ، وقلنا بعدم دلالة صحيحة يعقوب بن شعيب على المدعى فالروايات المعتبرة الواردة في إعطاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأرض خيبر كافية في إثباتها ، حيث لم يذكر في جملة منها لفظ مطلقاً ، وإنما المذكور فيها أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطاهم أرض خيبر ، وهو كافٍ في إثبات المدعى.

هذا كلّه مضافاً إلى إمكان الاستدلال عليه بالأولوية القطعية ، فإنه إذا جاز إنشاء المعاملات المبنية على الضبط والدقة بالفعل ، جاز إنشاء المعاملات المبنية على التسامح به بطريق أولى.

(١) وهي شروط المتعاوضين في جميع العقود بقول مطلق ، سواء في ذلك البيع والإجارة والمزارعة والمساقاة وغيرها.

وقد عرفت أدلّتها في كتاب البيع. فإنّ الصبي لا يجوز أمره حتى يحتلم ، والمجنون بحكم البهائم ، والمكره غير ملزم بشي‌ء.

۵۵۰