الثالث : الرضا من المحيل والمحتال بلا إشكال (١). وما عن بعضهم من عدم اعتبار رضا المحيل فيما لو تبرع المحال عليه بالوفاء ، بأن قال للمحتال : (أحلت بالدَّين الذي لك على فلان على نفسي) وحينئذٍ فيشترط رضا المحتال والمحال عليه دون المحيل ، لا وجه له ، إذ المفروض لا يكون من الحوالة بل هو من الضمان (٢).
وكذا من المحال عليه إذا كان بريئاً ، أو كانت الحوالة بغير جنس ما عليه (٣). وأمّا إذا كانت بمثل ما عليه ففيه خلاف (*) (٤).
ومن هنا فلا بدّ في الحكم باعتباره من تتبع موارد ثبوته ، ففي كلّ مورد تمّ الإجماع على اعتباره فهو ، وإلّا فلا موجب للالتزام باعتباره حتى ولو كان ذلك مشهوراً ، إذ لا حجّية للشهرة. ولذا التزمنا بصحّة الوكالة المعلّقة ، مستشهدين على عدم تحقّق الإجماع على اعتبار التنجيز فيها بتصريح المحقق القمي قدسسره في جامع شتاته به (١).
وحيث إنّ الحوالة أيضاً كذلك إذا لم يتمّ الإجماع على اعتباره فيها ، كما يشهد له عدم تعرّض جملة ممن ذكروه شرطاً في باقي العقود له إلى اعتباره فيها ، فلا موجب لاعتباره. ويكفينا في ذلك الشكّ في تحقق الإجماع.
(١) نظراً لكون الحوالة عقداً يقتضي انتقال الدَّين الثابت للمحتال في ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه ، فيتوقف على رضا طرفيه لا محالة.
(٢) فإنّ الحوالة وكما عرفتها عقد بين الدّائن والمدين ، في حين إنّ هذا عقد بين الدّائن والأجنبي ، فيكون ضماناً وإن عبّر عنه بالحوالة.
(٣) إذ لا سلطنة للمحيل على إشغال ذمّة المحال عليه ، بأصل المال أو الجنس الخاص ، بعد أن كانت بريئة منه.
(٤) نسب إلى المشهور القول باعتباره ، بل عن الأردبيلي قدسسره دعوى عدم الخلاف فيه بل احتمل بعضهم كونه طرفاً للعقد ، كما تقدّم.
__________________
(*) الأقوى عدم الاعتبار ، والتفصيل لا محصّل له ، والتوكيل خارج عن محلّ البحث.
(١) جامع الشتات ١ : ٢٠٧ حجري.