الثالث : أن يقصد ذمّة نفسه وكان قصده الشراء لنفسه ، ولم يقصد الوفاء حين الشراء من مال المضاربة ، ثمّ دفع منه. وعلى هذا الشراء صحيح (١) ويكون عاصياً في دفع مال المضاربة من غير إذن المالك ، إلّا إذا كان مأذوناً في الاستقراض وقصد القرض.

الرابع : كذلك ، لكن مع قصد دفع الثمن من مال المضاربة حين الشراء ، حتى يكون الربح له ، فقصد نفسه حيلة منه. وعليه يمكن الحكم بصحّة الشراء (٢) وإن كان عاصياً في التصرّف في مال المضاربة من غير إذن المالك ، وضامناً له بل ضامناً للبائع أيضاً ، حيث إنّ الوفاء بمال الغير غير صحيح.

ويحتمل القول ببطلان الشراء (٣) لأن رضى البائع مقيّد بدفع الثمن ، والمفروض


موجب للحكم بالصحّة ، مع تحمل العامل أو المالك للضرر ، بدفع عوضه من ماله الخاص.

(١) بلا إشكال فيه. فإنّ البيع أو الشراء أمر ، والأداء الخارجي أمر آخر ، فيصحّ الشراء لكونه في الذمّة ، ويبطل الأداء لكونه تصرفاً في مال الغير بغير إذنه. ومن هنا فلا تبرأ ذمّته من الثمن بالنسبة إلى البائع ، في حين أنه ضامن للعين بالنسبة إلى المالك لتصرّفه فيها من غير إذنه.

وبالجملة حال الدفع من مال المضاربة في هذه الصورة ، حال الأداء من غير مال المضاربة من أموال الغير ، كمال الوديعة أو الغصب فإنّ الحال فيهما واحد.

(٢) لأنه قد اشتراه لنفسه ، ونيته لأداء ثمنه من مال القراض أمر خارج عن حقيقة البيع ، فإنه عبارة عن مبادلة مال بمال ، فلا تكون موجبة لفساده.

(٣) وفيه : أن التقيد لم يثبت بدليل. فإن معنى البيع على ما عرفت إنما هو المبادلة بين المالين ، والمنشأ إنما هو ملكيّة كل منهما لمال الآخر ، وأما الزائد عنه فلم يثبت بدليل. ودفع الثمن شرط ضمني يوجب تخلفه الخيار لا غير ، وليس هو مقوِّماً للبيع ، وإلّا لوجب القول بالبطلان في الصورة السابقة أيضاً ، إذ لا فرق بينهما من هذه الجهة حيث إنّ القيد

۵۵۰