أخرجت» (١). اعتبار كون النفقة على العامل ، لانه عليه‌السلام إنما ذكر ذلك في جواب السؤال عن حقيقة المزارعة ، فيكون ظاهراً في الحصر.

ومن هنا فتصطدم مع الصحيحتين المتقدمتين.

إلّا أنه لا بدّ من رفع اليد عن ظهورها هذا ، وحملها على بيان المزارعة الخارجية التي صدرت من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا مطلق العقد ، بأن يقال إنّ العقد الذي أوقعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع يهود خيبر كان على هذا النحو ، وإلّا فمفهوم المزارعة غير متقوّم به ، كما يشهد له قوله عليه‌السلام في ذيلها : «وكذلك أعطى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيبر».

وذلك لصراحة الصحيحتين المتقدمتين في عدم اعتباره ، وجواز كونها على صاحب الأرض.

هذا مضافاً إلى تسالم الأصحاب ، حيث لم ينقل الخلاف في جوازه من أحد الأصحاب مطلقاً.

أضف إلى ذلك كله إطلاقات أدلّة المزارعة فإنها شاملة للمقام ، حيث إنّ مفهومها لا يتقوّم إلّا بالاشتراك في الزرع وتحصيل النماء ، من غير تخصيص لأحدهما بشي‌ء وصاحبه بآخر. كما هو الحال في المزارعات الخارجية ، فإنها تختلف باختلاف البلاد والمناطق ، فقد يكون المتعارف في مكان كون البذر على العامل ، في حين يكون المتعارف في مكان آخر هو العكس. فيتبع في كل منطقة ما هو المتعارف فيها عند الإطلاق ، وإلّا فما اتفقا عليه.

وهذا ديدن المزارعين فعلاً وعليه سيرتهم متصلاً بزمان المعصوم عليه‌السلام فيكشف ذلك كله عن عدم تقوّم مفهوم المزارعة بكون شي‌ء بخصوصه على أحدهما بعينه.

إذن : فلا بدّ من حمل صحيحة يعقوب على المزارعة الخارجية التي وقعت بين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واليهود ، بأن يقال إنها كانت على الوصف المذكور في الصحيحة وإلّا فظاهرها لا يمكن الالتزام به.

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٩ كتاب المزارعة والمساقاة ، ب ١٠ ح ٢.

۵۵۰