وأما الإذنية فيجوز فيها الرجوع دائماً (١). لكن إذا كان بعد الزرع ، وكان البذر من العامل ، يمكن دعوى لزوم إبقائه إلى حصول الحاصل ، لأن الإذن في الشي‌ء إذن


وكيف كان ، فقد تعرّضنا لهذا البحث في مباحثنا الفقهية التي ألقيت تعليقاً على كتاب المكاسب لشيخنا الأعظم الأنصاري قدس‌سره ، وقد عرفت أنّ جميع ما استدلّ به على لزوم العقود وما ذكرناه أخيراً من إطلاق دليل الإمضاء ، غير مختص بالعقد اللفظي وشامل للعقد المعاطاتي على حد سواء.

ومن هنا فإن تمّ إجماع على جواز المعاملة المعاطاتية فهو ، وإلّا كما هو الظاهر ويكفي فيه الشك فمقتضى القاعدة هو اللزوم.

(١) تقدّم الكلام فيها في المسألة الثانية مفصلاً ، وقد عرفت أن هذه المعاملة خارجة عن العقد فضلاً عن كونها من المزارعة المصطلحة ، فإنها لا تتجاوز الوعد المجرد. ومن هنا فيحكم بفسادها لا محالة ، لاشتمالها على تمليك المعدوم ، وهو غير جائز ما لم يدلّ عليه دليل خاص ، حيث لا تكفي العمومات والإطلاقات في الحكم بصحّة مثل هذه المعاملات.

إلّا أنّ الماتن قدس‌سره قد التزم في تلك المسألة بصحّتها وإن لم تكن من المزارعة المصطلحة ، بل لم يستبعد قدس‌سره كونها منها أيضاً.

وعلى ضوء هذا المبنى ، يقع الكلام في لزوم هذه المعاملة وجوازها.

فنقول : أما إذا كان الرجوع قبل الزرع والعمل ، فلا ينبغي الإشكال في جوازه ، إذ ليس هناك إلّا الإذن في التصرّف ، وهو غير ملزم به ، فله الرجوع عنه متى شاء.

وإن كان بعد عمل المقدمات وقبل الزرع ككري الأنهار ونحوه ، ففي جوازه وعدمه وجهان.

اختار الماتن قدس‌سره الأوّل ، حيث خصّ المنع بما إذا كان بعد الزرع.

إلّا أن الصحيح هو الثاني ، وذلك لتضرّر العامل ، حيث يذهب عمله هدراً ويفوت حقه من دون عوض ، فيشمله التعليل المذكور في معتبرة محمد بن الحسين ، قال :

۵۵۰