ظاهر الأصحاب بل قيل : إنّه لا خلاف فيه ولا ارتياب تخيير الإمام أو الحاكم الشرعي بين الدفع إليه على وجه الإجارة أو الجعالة ، أو لا هذا ولا ذاك ، فلا يعيّن ، بل يعطيه بعد ذلك ما يراه ، وهو الصحيح.

فإنّ ظاهر الآية المباركة أنّ العامل كغيره من الموارد الثمانية مصرف للزكاة ، ولا دلالة لها على التمليك المجّاني في شي‌ء منها حتّى الفقير فإنّه يملك بالقبض لا أنّه يملك بالدفع.

بل لعلّ في تعليق الحكم على العامل نوع إشعار بل ظهور في أنّ للوصف العنواني مدخلاً في التعلّق ، وأنّه يستحقّ السهم بإزاء العمل وفي مقابله ، كما لو أوصى بأن يدفع شي‌ء للعامل ، فإنّه ظاهر في كونه في مقابل العمل كما لا يخفى ، ولكن الدفع بإزاء العمل لا يختصّ بأن يكون على وجه الإجارة أو الجعالة ، بل يجوز من غير سبق التعيين بمقتضى إطلاق الأدلّة من الكتاب والسنّة.

وبالجملة : لا دلالة بل لا إشعار في الآية المباركة على المجّانيّة بوجه ، بل الظاهر أنّه يعطي للعامل بوصف كونه عاملاً وبإزاء عمله ، أعمّ من أن يعطيه بعنوان المجّان أو بعنوان الأُجرة أو الجعالة حسبما عرفت.

وأمّا ما ورد في صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : ما يعطى المصدّق؟ «قال : ما يرى الإمام ولا يقدّر له شي‌ء» (١).

فلا دلالة فيه على عدم جواز الإجارة أو الجعالة ، بل المقصود أنّه لم يقدّر للعامل في الشريعة المقدّسة شي‌ء من العشر أو نصف العشر ونحو ذلك ، بل هو موكول إلى نظر الإمام حسبما يرتئيه من المصلحة التي تختلف باختلاف الموارد من حيث زيادة العمل ونقيصته ، فربّما يعيّن شي‌ء بإجارة أو جعالة ، وأُخرى

__________________

(١) الوسائل ٩ : ٢١١ / أبواب المستحقين للزكاة ب ١ ح ٤ و ٢٥٧ ب ٢٢ ح ٣.

۵۰۷