الثانية : لو سقط الوجوب عن المعيل لكونه فقيراً فهل يجب على العيال إذا كان غنيّاً؟

أمّا الجهة الاولى : فلا ريب أنّ مقتضى إطلاق ما دلّ على تعلّق التكليف بالمعيل هو السقوط عن المعال عنه ، سواء أدّاه المعيل خارجاً أم لا ، لاحتياج الوجوب على المعال عنه في صورة عدم الأداء إلى الدليل ولا دليل.

فإنّ دعوى الوجوب في حقّه حينئذٍ متوقّفة على أحد أمرين :

إمّا أن يقال : بأنّ التكليف متوجّه إلى العيال نفسه ، والمعيل موظّف بتفريغ الذمّة وإسقاط الوجوب بدفع الفطرة الثابتة في عهدة العائلة ، فإذا عصى وجب عليهم تفريغ ذمّتهم.

وقد قرّبنا مثل ذلك في دية الخطأ وقلنا : إنّ الدية واجبة على نفس القاتل ولو خطأً ، لقوله تعالى ﴿وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ (١) ، فهو المشغول ذمّته بها ابتداءً ، ولكن العاقلة مكلّفون بتفريغ ذمّته فلو عصوا وجب على القاتل نفسه ، وبذلك فرّقنا بين القتل الخطئي والعمد شبيه الخطأ ، وأنّ الدية ثابتة على القاتل في كلا الموردين إلّا أنّ العاقلة مكلّفون بالتفريغ في الأوّل دون الثاني.

هكذا اخترنا هناك ، لقيام الدليل عليه حسبما أوضحناه في محلّه (٢).

وأمّا في المقام فلم يدلّ على ذلك أيّ دليل ، بل مقتضى الأدلّة حسبما عرفت تعلّق التكليف بنفس المعيل ابتداءً كما هو مقتضى قوله عليه‌السلام : «نعم ، الفطرة واجبة على كلّ من يعول» ، فنفس الفطرة واجبة عليه لا أنّه يجب عليه تفريغ ذمّة الغير ، فإنّ هذا خلاف الظاهر جدّاً ، ولا سيّما وقد ذكر في غير واحد من النصوص جملة ممّن لا تجب الفطرة عليه جزماً كالصبي والمجنون ، فكيف

__________________

(١) النِّساء ٤ : ٩٢.

(٢) شرح العروة (مباني تكملة المنهاج ٢) : ١٩٧ و ٤٤٩.

۵۰۷